الأحد، 27 فبراير 2011

لا


دخل على رئيس التحرير حاملا بيده المقال الخطير كي يلحق ميعاد النشر في الوقت المناسب وبينما يقرأ رئيس التحرير المقال بتململ قال: سبعون الف متظاهر على الاقل في الميدان الآن هل جننت؟ كيف يتجمع مثل هذا العدد معا انهم بالتأكيد لا يتخطوا الثلاثة آلاف
الصحفي : انهم ربما اكثر من ذلك العدد واليوم 25 يناير يوم متفق عليه ان يجتمعوا فيه وانظر لتلك الصورة التي توضح العدد
نظر رئيس التحرير للصورة ومزقها قائلا : قم بتغيير المقال واكتب ثلاثة آلاف وضع صورة لا توضح العدد
نظر الصحفي لرئيسه نظرة غضب وتحد قائلا : لا لن يكتب اسمي تحت مقالات يتم فرضها عليَ مرة أخرى  سأكتب ما اود ان اقوله وما يعبر عن الحقيقة فقط لذلك اقولها لك لا
لا اخيرا استطاع ان يقولها بعد ان كان يقول نعم دوما
زمن طويل يكتب ما لا يريد ولم يستطع ان ينطق تلك الكلمة العجيبة لا
اما الآن فقد تفوه بها
يشعر الآن انه قد تحرر من قيوده يشعر انه انسان جديد
غادر الصحفي المكتب وهو يستشيط غضبا يتذكر ما حدث معه حينما كانت معه وثائق لقضية فساد كبيرة وأراد نشرها لكن رئيس التحرير رفض رفضا باتاً يومها قال الصحفي الشاب لرئيسه: سأذكر لك قصة كانت هناك قرية فيها قحط شديد واستطاع احد الرجال ان يحصل على بعض اللحم فأراد ان يأكله دون ان يعلم الجيران به فيشاركوه فاقفل النوافذ وقام بشواء اللحم  فتصاعد الدخان ولأن النوافذ مغلقة كاد يختنق وفي تلك النقطة الحرجة بينه وبين الموت فتح النوافذ فرأى الجيران الدخان وعرفوا انه يقوم بالشواء
هكذا الاخبار لا تستطيع ان تمنعها ان تصل للناس لأن هناك لحظة ما ستنفجر الاخبار كالبركان رافضة البقاء مكبوتة
لم يفهم رئيس تحرير الجريدة القومية يومها معنى ما يقول ولم يهتم واصر على رفض النشر ليحمي صاحب قضية الفساد
في اليوم التالي لم يتوجه الصحفي لمبني الجريدة بل ذهب الى نقابة الصحفيين حيث قرروا ان يقوموا بوقفة احتجاجية على سلم النقابة في ظل تواجد كثيف لقوات الامن صار يهتف الصحفيون (اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ) هتفوها بقوة كأنهم يريدون الحياة يريدون الانطلاق هتفوها مدوية مما اثار قوات الامن فهجمت قوات الامن على الصحفيين بلا شفقة او رحمة حتى ان اربعا من قوات الامن حملت صحفيا كبيرا من اعضاء مجلس النقابة حملته بلا شفقة او انسانية كأنه ذبيحة سيتم سلخها
 اثار الصحفي الشاب هذا المشهد فأخرج كاميرته ليوثقه وبينما يقوم بالتصوير لاحظه قوات الامن  فانطلقوا اليه واخذوا الكاميرا وقاموا بكسرها  وانتزعوه ليذهبوا به الى المعتقل بعد ان ضربوه ضربا مبرحا بهراواتهم دون شفقة  يركلونه باقدامهم كأنه لا يستحق الحياة
قام احد الضباط باستجوابه في المعتقل: لماذا ؟ يبدو من سماتك انك غني كما ان لك وظيفة محترمة وتعمل في جريدة قومية ؟ كيف تخرج على ارباب قوتك
ضحك الصحفي ضحكة قوية اثارت الضابط لكنه قال : ليس لي الا رب واحد هو من يسير لي قوتي  اما جريدتكم القومية فما هي الا خدعة انها وهم واكذوبة كبيرة وحان الوقت كي تنتهي تلك الاكذوبة انني هنا اثور لنفسي اريد حياة حقيقية وليست حياة مخادعة اننا هتفنا ان الشعب اذا اراد الحياة فلن يمنعها عنه مانع ولن يقف امامه طاغي و كل جنود الظاغوت مصيرهم الى زوال 
لم يتمالك  الضابط اعصابه فقام بضربه ضربات متوالية و تمت استضافة الصحفي بالمعتقل بضعة ايام  ليخرج من المعتقل ليس بامرا من الرئيس المصري وانما بامر من الرئيس الامريكي الذي امر بالافراج عن الصحفيين واحترام الصحافة
كان الوضع بعد خروجه مختلفا فالثوار في الميدان والامن مختفي والصحفي اشد اصرارا على طلب الحياة لذلك ذهب الى الميدان ليرافق اخوانه في مطالبهم وبقي في الميدان بضعة ايام ثم حدثت حادثة مروعة ان احد القراصنة قد استهدف احد الصحفيين وتم استشهاده فثارت ثائرة الصحفيين  وذهبوا للنقابة وقد قرروا شيئا واحدا هو طرد نقيب الصحفيين الكل اتفق على ذلك ان النقيب الذي يجعل من دم اعضاء نقابته رخيصا لا يستحق البقاء
هتف الصحفيون بكل قوة حين راوا نقيبهم (الشعب يريد اسقاط النقيب)  وهتافات من نوع (ارحل )ومنعوه من الوصول الى مكتبه بالقوة وطردوه شر طردة ربما يسأل احد الخبثاء : أليسوا هم من قاموا بانتخابه؟ فيكون الرد الحازم : وهل هناك انتخابات في مصر غير معروفة النتيجة من قبل الاقتراع
لهذا وهكذا طردوا النقيب الذي خرج من نقابته يجر اذيال الخيبة  بينما كل الصحفيون يبتسمون وهم يرون ان دماء صديقهم لم تذهب هباء لقد نظفوا نقابتهم
 لذلك قال الصحفي الشاب : انه بداية عهد جديد وأشم رائحة التغيير تتنسم على مصر واشعر ان نصر الله قريب

28 التعليقات:

amira miro يقول...

اولا سعيدة اني اول واحدة اعلق علي هده القصة

ثانيا عجبتني القصة جدا وعجبني الاسلوب وحوار الضابط مع الصحفي والقصة تسرد واقع كنا نحياه
واقع بشع حبست فيه الكلمات داخل الافواه والافكار داحل العقول
وسجنت الكلمة الحرة وضاع ضمير المهنةفالجرائد القومية لم تعد تتحدث عن مصر او المصريين
فهي تشعرك بانك في بلد الرخاء وكانك تحولت الي دولة من العالم الاول
اتمني من كل صاحب فكر وقلم ان يضع ضمير المهنة امامه قبل ان يخط حرفا واحد
غدرا لا اثق ان البعض لديه هدا الضمير الحي ليضعه نصب عينيه عند الكتابة لدا اناشده ان يضع ضمير المهنه وميثاق الصحافة امام عيينه عوضا عن ضميره ان لم يجده

تسلم مصطفي قصة هايلة
محتاجين وجهات نظر متابينةللثورة
تسلم

Unknown يقول...

نعم نعم ...إن نصر الله قريب

لن يستطيع أحد بعد اليوم منع الدخان من الخروج من النافذة والذى سيملأ الأفاق وسوف يراه الجميع ......

د/ مصطفى
خالص التقدير والاحترام لهذا القلم النابض الرائع
بارك الله فيك وأعزك

موناليزا يقول...

"اشعر ان نصر الله قريب"

ما أجملها من جملة:)

faroukfahmy يقول...

ارى ياسيف ان قصتك تتركز على رأس الافعى وتغفل عن بقية جسمها الفاسد ففى هذه القصة الهادفة اشرت الىرئيس التحرير ورئيس النقابة والواقع ان هناك ايضا بعض الاعضاء وليس كلهم ممن يوجب بترهم فاذا فسد عضو اشتكت منه سائر الاعضاء والامر صحيح بالنسبة لحالنا الآن فقد اطحنا بمبارك ولازال ذنابته موجودين فى الحكم، وطنيتك اصيلة أصلية ياسيف ومعدنك نفيس حسيس يعرف طريقه الى جذب القلوب

حرّة من البلاد..! يقول...

أخي مصطفى
ما شاء الله لقد احطت بكل ظروف واحداث الثورة
وتبرع جدا في صياغتها لقصص واقعية حدثت
انت تعبر عن الصورة الجمالية بكل روعة
دمت بخير
تحياتي

هبة فاروق يقول...

فى البداية احييك يا سيف لبراعة قلمك فى تصوير الاحداث
ولكن هل تعتقد اننا حققنا جميع ما نطلب واننا فعلا نتمتع بالحرية المطلقة ام مازال هناك قيد محكم على الحرية والتعبير ؟؟؟
تحياتى لقلمك الراقى

;كارولين فاروق يقول...

موضوعاتك يا مصطفي تحظي بالاعجاب دائما
عجبني الحوار بين
الضابط والصحفي ارجو من الله ان يوفقك دائما في
اختيار مواضيعك
وسلامي لقلمك المبدع

Emtiaz Zourob يقول...

قصة مميزة كالعادة ، يعجبني طريقتك في عرض مواضيعك من خلال القصص .. ربنا يديم عليك الموهبة يارب وبالتوفيق .

وردة الجنة يقول...

انني هنا اثور لنفسي اريد حياة حقيقية وليست حياة مخادعة اننا هتفنا ان الشعب اذا اراد الحياة فلن يمنعها عنه مانع ولن يقف امامه طاغي و كل جنود الظاغوت مصيرهم الى زوال

فعلا مصير كل طاغى هو الزوال

سلم لنا قلمك كما هو دائما مبدع متميز

بالتوفيق كعادتك وعادة قلمك مصطفى

تقبل مرورى ............

يوميات شحات يقول...

أخي الكريم
للقصة بقية
فبعد تطهير الرؤوس الفاسدة
حان الأن ان نغير ما بأنفسنا ايضا

Unknown يقول...

قصه رائعه و طرح مميز كالعاده منك سعيده أن البطل قال لا فلولاه و غيره ممن قرروا أن يقولوا لا بصوت عالي لكانت مصر ظلت على فساد أهلها أتمنى أن نستطيع تطهير البلد حتى لا تضيع دماء شهداءنا و مصابينا و كل من بذل جهد لنتغير.
أشكرك يا مصطفى لك مني كل احترام و تحيه

سكن الليل يقول...

إن شاء الله يا مصطفى نصر الله قريب

"إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" صدق الله العظيم

نحن نؤمن ظان للقلم قوة أشد من حد السيف
في كلمة حق تكون حياة .. وبحروف باطل يكون الموت
لا محالة
وفي أيام سبقت .. رأينا الكثير الكثير من الفساد
حتى في الكلمة وفي القلم
وبرغم رسالة القلم في تصوير حياة الناس وتوصيل معاناتهم وكشف الفساد ونشر الثقافة والفكر والقيم
تخلت بعض الأقلام عن قيمها
وكانت رؤوسا للفساد وأباطرة الزيف
أصبحنا في زمن استعصى على الشريف المقاومة
لنجده يطفو على السطح مغشيا عليه بعد الكثير من المقاومة والثبات ..
اما الآن .. وبعد أولى مراحل الثورة
ثورة ضد الفساد والظلم والعدوان والغش والتجني
آن للقلم أن ينهض من جديد ليكون لسان الشرف
وتكون له الكلمة المسموعة المشهود لها بالإخلاص والنزاهة والحق
آن للشرفاء ان يقودوا الأمة نحو الأفضل
يوجهوها لسبيل الإصلاح
يفتحوا عيون أبنائها على قضايا وطنهم وعالمهم
ويكونوا العين الرقيبة تترصد بأي فاسد

الشيء الأهم أن نبدأ بأنفسنا .. ببيوتنا .. بشارعنا
بكل ما في أيدينا وقدر استطاعتنا
فأمتنا لن تسترد وعيها إلا بسلامة أعضائها صغيرا كان أم كبيرا
حينها يمددنا الله بالنصر وبجند من عنده
وتكون يد الله هي العليا

**

رسالة لقلمك الشريف
الذي صاغ من الحروف نسيجا نورانيا
من قصص وطنية وحكايات هي الأقرب لروحنا

تسلم أيها السيف الممشوق
الذي شق ضياؤه عنان السماء

مصطفى سيف الدين يقول...

اميرة
اولا متشكرين لانك اول تعليق
ثانيا الحمد لله ان القصة عجبتك
ثالثا انا زيك باتمنى ان تكون الثورة دي عامة وشاملة كل المجالات وان خلاص مبقاش فيه خوف وان الاعلام اتحرر ويقدر الواحد يقول اللي جواه بالكلمة الحرة
نورتيني واشكرك

مصطفى سيف الدين يقول...

استاذ محمد الجرايحي
الدخان ستراه كل العيون ورائحة الشواء ستغزو كل الانوف ولن يمنعها مانع
ونصر الله ان شاء الله قريب
اشكرك وتحياتي لك

مصطفى سيف الدين يقول...

موناليزا
هو النصر من عند الله سبحانه
وان شاء الله سينصرنا ويثبت اقدامنا
تحياتي واشكرك

مصطفى سيف الدين يقول...

استاذ فاروق فهمي
اشكرك اولا على تواجدك
ثانيا لم اركز على راس الافعى فقط ولو لاحظت القصة ستجد جملة جنود الطاغوت مصيرهم الى زوال
وهي تعبر عن ذيول وجنود راس الافعى
وحين تموت الراس من السهل التخلص من البقايا
وانا في تلك البانوراما ما هو توثيق لاحداث اكثر منه عرضا لافكار
اشكرك اخي الكريم

مصطفى سيف الدين يقول...

حرة من البلاد
كلماتك وسام على صدري حين يكون من مبدعة حقيقية
نتعلم منها
اشكرك اختي الفاضلة واحمد الله ان قصتي راقت لكي

مصطفى سيف الدين يقول...

هبة فاروق
اشكرك اختي الفاضلة على كلماتك الرقيقة
بالنسبة لسؤالك قطعا لم تحقق الثورة مطالبها
لكن بانورامتي توثيق لفترة معينة وايام فارقة تستحق التأريخ وتستحق التوثيق وتستحق الكتابة عنها بطريقة متعمقة
تحياتي واشكرك

مصطفى سيف الدين يقول...

كارولين فاروق
وجودك يشرفني وتعليقك يسعدني
والحمد لله ان قصتي راقت لكي

مصطفى سيف الدين يقول...

وجع البنفسج
اشكرك وان كنت لست اراها موهبة انما هي مجرد هواية
تحياتي واشكرك على تعليقك المميز

مصطفى سيف الدين يقول...

وردة الجنة
اشكرك اختي الفاضلة على تعليقك الجميل الذي اسعدني
وكل طاغ مصيره الى زوال بيد شعبه الصامد
هذه حقيقة علمية تم اثباتها في ثورتي مصر وتونس وقريبا في ليبيا
تحياتي واشكرك

مصطفى سيف الدين يقول...

يوميات شحات
اولا دعني ارحب بك في زيارتك الاولى لمدونتي
ثانيا القصة لم تنتهي ولن تنتهي انها قصة شعب اراد الحياة ربما قد قطع طريقا للحرية لكته يجب ان يعزز خطاه
ثالثا سلوكياتنا التي رايناها ايام الثورة يجب ان يتم ترسيخها حتى لا نعود للوراء ففساد المجتمع ماهو الا حصيلة من فساد الافراد
تحياتي واشكرك ونورت

مصطفى سيف الدين يقول...

زميلتي العزيزة شيرين سامي
افخر بتواجدك دوما
وافخر بكل مصري قال لا في ذلك اليوم لولاهم ما ناطحت رؤسنا السحاب
اشكرك لتعليقك الذي اسعدني
ونورتي

مصطفى سيف الدين يقول...

سكن الليل
الكلمة امانة
والقلم سيف (مش اخو مصطفى سيف)
والقلم سيف ان لم يوجه في اتجاهه الصحيح فقد يجرح ويقتل
لذلك من الخطورة فساد القلم
وفساد القلم اخطر من فساد الخزائن
اشكرك طبعا على تعليقك الجميل جدا
نورتيني

شهر زاد يقول...

اخي مصطفى
من عاداتك الحميدة دائما ان تصب الواقع في قالب شفاف جميل الشكل وبهي الزينة
وانت اليوم تصور حالا واقعا محزنا لكنه هو خطوة الى الامام
خطوة الى التخلص من اتربة الزمان التي خنقتناا
خطوة الى غد افضل
تحياتي

مصطفى سيف الدين يقول...

شهرزاد
اشكرك اختي العزيزة
اتمنى ان اكون عند حسن ظنك دوما
نورتيني اختي الفاضلة

أمال الصالحي يقول...

عصر تكميم الأفواه رحل ولملم بقايا الطغيان معه..إنها بداية عصر جديد، نستسقي منها أملا جديدا لنواصل مسيرة الحياة على أرض امنة..
هنا الواقع مع قوة السرد امتزجا لنشهد ولادة كلمة حق

سلامي

مصطفى سيف الدين يقول...

امال الصالحي
نعم انه عصر جديد
عصر الكلمة الحرة
اشكرك اختي الفاضلة على كلماتك الرائعة
تحياتي