الخميس، 11 نوفمبر 2010

النيل سؤال





جلس علي ضفاف النيل كعادته حين يشعر بالضيق وحين يرى سواد العالم يجري الي النيل ينظر الي صفاء مائه فيحسده علي ما هو عليه من راحة بال وصفاء
وهذه المرة كانت شكواه من حبيبته التي يهواها بكل ما يحمل الهوي من معني كان يعلم انها لا تبادله مشاعره وانه حب من طرف واحد وكان يسمع الكثيرين يقولون ان الحب من طرف واحد هو القاء مشاعرك في التراب وتدمير قلبك وهلاك روحك لم يقتنع بكلامهم كان يحدث نفسه يوما بأن من يحب مثلي هذا الحب سياتي علي حبيبته يوم ما تبادله نفس الحب بنفس الدرجة كان مقتنع انه سيكسب قلبها يوما ما
كان مؤمنا بقلبه واثقا في حبه انهم احسنوا الاختيار وتوجوا عرشهم بمن تستحق ومليكة قلبه لا بد ان تجلس علي العرش يوما لكن ذلك اليوم لم يأتي بعد فهي كل يوم تصده فبدا شعور بالياس يعتريه وأحس بالضيق فاتي لصديقه القديم النيل كي يقص عليه ويشكو وينتحب
نزلت قطرة دمع من عينيه لم يستطع ان يمنعها نزلت لتعكر صفو الماء ومع تعكر الماء تقلبت الافكار بداخله وهو ينظر للنيل
ترى كم تحمل من دموع المقهورين وكم سمعت آهات العاشقين وكم من قلوب مكلومة ونفوس حائرة قضت نحبها بداخلك حين ظنت انه لا امل


ان ماؤك الصافي ما هو الا مرآة للسماء لكن بداخلك تعكير وسواد وماء تذرفه دموعنا فنعود نشربه بافواهنا يحمل مرارتنا وحسرتنا التي تعود الينا


ايها النيل العظيم من أنت ؟ اشعر انني اراك لأول مرة اشعر انني اعرفك فانت تسير بداخلي مع قطرات دمي التي صنعت من مائك بل صنعت من مرارة دموع شعب ظل مقهورا ولم يشعر به احد من ولاته الذين نسوا طعم مائك وهم يشربون مياها معدنية لا طعم لها ولا رائحة


ايها النيل العظيم عرفتك الآن كما لم اعرفك من قبل قديما كنت مؤمنا بما قاله هيرودوت بان مصر هبة النيل ولكنني اظن الآن انه اغفل حقيقة مهمة وهي انك مرآة قلوب المصريين تشعر بهم وتعكس حيرتهم ومراراتهم وافراحهم واحزانهم داخل ماؤك نعم تعودت ايها النيل ان تكون مرآة تعكس صفاء السماء بظاهرك وبداخلك تعكس عواطف من حولك


ألم تسحر فرعون وغويته حتي ظن انه آله فقط حين ظن ان يتحكم فيك وقال اليست هذه الانهار تجري من تحتي اذن انا آله فانت عكست السحر لان آل فرعون اشتهروا بذلك


والآن هو يعكس ماذا؟ ماذا تعكس ايها النيل ؟ ماذا تسمع كل ليلة ؟ ماذا يوجد بداخلك؟
دموع عاشق هجرته حبيبته؟
ام صدي صوت صرخة ألم لطفل تضور جوعا
ام دماء مبدع قتلته الواسطة؟


ماذا بك ايها النيل الا زلت صامتا لا تريد ان تنفجر وتبوح عما بداخلك مازلت تحمل كل تلك الهموم ولا تريد الفضفضة
حسنا الآن نسيت حزني والمي علي حبيبتي وكل ما يسيطر علي افكاري هو انت هي تلك الابتسامة التي كانت علي شفاهك في زمن مضى ولم تعود


الآن تطعمت ماؤك بدموعي وسابقا تطعمت دمائي بمائك فمن يطغي علي الاخر انا جزء منك ايها النيل واشعر بالاسي والضيق من اجلك


بعد تأمل شديد وشعور بالضيق مضي الوقت طويلا ولملم افكاره وذهب الي بيته
في تلك الاثناء كانت حبيبته تفتح صنبور الماء لتحتسي بعض الماء الذي يحمل دموعه وصوت منير يعلو من الغرفة المجاورة وهو يغني


ولا بيوصل ولا بيتوه ولا بيرجع ولا بيغيب
النيل سؤال ومازال ماجاش عليه الرد