كعادة الأيام تمر كأنها ليالي متصلة , ليالي ظلماء لا يضيئها قمر و لا يسطع فيها نجم و أنا متفردة بذاتي أنظر إلى السماء أنتظر بارقة نجم تضيء لي الطريق ربما أدركت حينها موضع خطواتي , السحاب الأسود الكثيف في سمائي السوداء يعتصر النجوم و يطردها بعيدا عني , إن أردت أن تعرف قصتي فخذ حذرك و تحلى بقلب يقوى على الصدمات ,فلتضع حزام الأمان حول خصرك و لتنطلق معي هناك إلى الجامعة , هل ترى تلك الفتاة ؟ نعم هي تلك الفتاة التي قصدت , أعلم أنها تشبهني كثيرا لو استبدلت حمرة وجناتها بشحوبي , لو استبدلت ضحكات عينيها بذبولي ربما كنت ستراني . نعم هي أنا , و كنت هي
زهرة يانعة في بستان تكسوه الشمس فتمنحها الدفء و الحلم , الحلم يا سيدي الذي جعلها تخط من الحياة صورا مشرقة فلا ترى إلا الجمال , حين تستمع لموج البحر تشعر أنه يناديها , سيظهر فارسها من داخل الموج لتمتطي فرسها نحو الحلم , الحلم الذي هو داخل القلب , نعم سيدي قلبها الذي كان في يوم ما هو قلبي . و لكنها سقطت من فوق الفرس قبل أن تطأ أرض الحلم سقطت حين فرض عليّ أبي الزواج من أول رجل طرق الباب و أراد انتزاعي من بيتنا إلى بيته , أبتي ما زلت حالمة , ما زلت طفلة تلهو بدميتها .
لم يصغ إليّ قال لي أن مثل ذلك الرجل عملة نادرة في ذلك الزمن فهو من عائلة كبيرة كما أنه متدين
هل اطلعت على قلبه , ما لنا إلا عمله .
و ككل البدايات هادئة تقليدية طفلة تقاد برغبتها او بدون رغبتها إلى بيت جديد ما زلت أحمل دميتي و أحيا حلمي , و ككل البدايات الهادئة تصبح صاخبة فجأة , ليظهر الوجه الحقيقي للوحش الذي يختفي خلف قناعه الملتزم , كان أهوجا كالثور , مغرورا كالطاووس ,ذاتي كإنسان , يريد كل من حوله نعام يضع رأسه من أجله في الرمال , و أنا طفلة ما زالت تحمل دميتها و تتعجب أهكذا يكون الانسان؟
و دون سابق إنذار ظن العالم القائد المعلم العظيم أنه وحده في الحياة فمارس رعونته و تمادى حتى اعتقل .
الأيام تمر كأنها ليالٍ متصلة و الطفلة بداخلي عرفت الليل و مشتقاته , الوحدة , الألم , الحزن , كان قاسيا نعم لكنه كان زوجي كان مغرورا نعم لكنه كان زوجي . قالوا لي اطلبي الطلاق ان أردتِ ما زلتِ صغيرة لماذا تنتظريه , كلا إنه زوجي لم أكن لأهجر السفينة عند أزيز الريح , الريح ستمر و يهدأ الجو و هو سيبقى بالتأكيد سيتغير فالسجن لن يبقيه على غروره .
المرض لم يدق بابي او يستئذنني فقط اقتحمني , لتكتمل متلازمة الليل الوحدة و الألم و الحزن و أيضا المرض , صراعي مع المرض ليس بأقل هوادة من صراعي مع الليل , السفينة تتأرجح و ربما ستغرق فالعاصفة تشتد و صوت الطبيب يبلغني أن كلمة (ماما) انتهتمن قاموسي و لن تدخل حياتي أبدا ليموت أكبر أحلامي دميتي الصغيرة ستظل مجرد دمية
لتكتمل متلازمة الليل , الوحدة , الألم , الحزن , المرض , الكابوس
تعاريج الحياة يظهر أثرها بوجهي ألا ترى كيف خط الليل ووصمني بالعذاب ,ألم أقل لك ضع حزام الأمان قبل أن تخوض معي غمار تلك الذكريات , الطفلة تكبر سريعا .
مرت الأيام كأنها ليالي متصلة و خرج من محبسه ليجدني أمامه أنتظر, ثمانية أعوام مرت لكن ملامحي تحمل آثار ثمانين عاما , و عرف أنني صرت عاقرا, استيقظ بداخله الفلاح الذي يحلم بالعزوة كيف للطاووس ألا يكون له وريث لعرشه , نسي كل شيء فعلته و تحملته نسي متلازمة الليل التي قاسيتها من أجله , قال لي انتظارك لي هو اختيارك و ليس ذنبي , و حين وجد عملا بعد خروجه تزوج من أخرى , صرخت بكيت تألمت آثار المرض ما زالت تنهشني و ما زلت أقاوم .
طلبت الطلاق فساومني , أراد شقتي التي اعطانيها أبي , ظهر الوجه الآخر لم يتزوجني من أجلي تزوجني لأنني ابنة أبي الثري .
تدخلت العائلتان و حدث الانفصال , و صرت أحمل لقب مطلقة , و مطلقة لمن لا يعرف هي أيضا من متلازمات الليل
الوحدة , الألم , الحزن , المرض , الكابوس , مطلقة
وحدة فرضتها علي الحياة , و ألم هو المعاناة و حزن يزلزل الجبال و مرض يئد الأبدان و كابوس هو أقوى من الأحلام اما مطلقة فهي أسوء الألقاب , مجتمعنا الشرقي لا يعترف أن الرجل مخطىء أبدا و عندما يحدث الطلاق فهو بالتأكيد بسبب الزوجة , كيف لمثلي أن تنام .
الأيام تمر كأنها ليالٍ متصلة و أهلي يضغطون عليّ لا بد أن تتزوجي , كيف تتزوج عاقر مثلي؟
ثلاثة أعوام بين نظرات الأهل الغاضبة و نظرات الناس المزدرية , و نظراتي لنفسي المشفقة ضاعت الطفلة و ماتت الدمية و صارت الأحلام كوابيس تؤرق يقظاني فأنا لا أنام .
و عاد نعم عاد مرة أخرى فهو دائما يعود , و عاد هذه المرة باكيا نادما لكنني لم أصدقه , ارادني أن أعود إليه لكنني لا أصدقه , لكن أهلي ضاقوا بي ذرعا يجب أن تتزوجي , لن نتحمل في بيتنا مطلقة , وعدت إليه ثانية .
الأيام تمر كأنها ليال ظلماء و هو معي , لا أشعر قط معه بالسعادة , أكرهه؟ كلا , ربما أشفق عليه و لكنني أشفق على نفسي أكثر أشعر أنني كشمعة اشتعلت فيها النار فتذوب ببطء حتى تختفي , ما زال الطاووس ينعق صارخا مازال متجبرا وما زلت صامدة , قرر السفر لبلدته لزيارة أهله لنا بيت هناك فذهب قال لي أنه سيمكث بضعة أيام , في تلك الليلة نمت , لم أكن أنام قط و هو بجواري
لكنني نمت حين رحل, و حلمت نعم حلمت لماذا تتعجب ؟ ربما من هو مثلي ماتت أحلامه لكن ما زالت روحه تقاوم الموت لذا رأيته في منامي كلبا أجرب خفت منه فزعت , حتى لحظة النوم التي انتظرتها عمرا تستكثرها عليّ , أصابني الإعياء وجدت نفسي اركض نحو البلدة و ادخل بيتنا الذي هناك لأجده يعقد قرانه على غيري ثانية و داخل بيتي هذه المرة .
هل أنا رخيصة لتلك الدرجة؟ أجبني بعد ان استمعت لقصتي أين خطئي و فيم ذنبي و لماذا دخل ذلك الرجل حياتي و لماذا عاد و لماذا أهلي دوما يفعلون بي كل ذلك , و لماذا يجب عليّ وحدي أن أعبر الليل و أصادقه و أبحث عن نجومه التي تختفي خلف السحاب الأسود الكثيف أنا أختنق , و النجوم تعتصر .
و متلازمة الليل صارت لا تعتريني
بل صارت مني فأنا الوحدة و أنا الألم و أنا الحزن و أنا الكابوس
أما مطلقة فصار حلم بالنسبة لي فهو يساومني على حريتي و أهلي يصرون على أن أبقى الشمعة التي تنزوي في كنف الوحش , و بين الليل و أهلي و الوحش ما زلت صامتة ابحث عن حل , فقل لي يا صديقي ما الحل
خارج الإطار 1 : هذه القصة حقيقية و ما زالت بطلتها تنتظر حلا ربما هي تعرفه لكنها لا تقوى على الخوض فيه لذا هي تنتظر آرائكم
------------------------------------------
خارج الإطار 2
اذكركم
ان شاء الله الجمعة القادم الموافق 6 أبريل اللقاء التدويني الساعة العاشرة صباحا بنادي التطبيقيين باسكندرية يتبعه حفل توقيع كتب كتاب بنكهة مصر, في صحتك يا وطن ,حكايات النورس, ضوء أسود و ذلك الساعة الرابعة عصرا بمكتبة ديوان بالاسكندرية و عنوانها مكتبة اسكندرية - الشاطبي - محل رقم 4
للمزيد من المعلومات
من هنـــــــــا و هنــــــــا
---------------------------------
كما أنه غدا السبت 31 مارس الساعة السادسة مساء حفل توقيع كتاب أبجدية ابداع عفوي باستوديو أرابيسك
اتمنى تواجدكم و تشريفكم