الخميس، 15 ديسمبر 2011

الغلاف الخلفي لكتاب (ضوء أسود)



طُلب مني أن أكتب غلافا خلفيا يعبر عن كتابي  او ان اقتطف جزءا من الكتاب  ليوضع في الغلاف الخلفي لكني آثرت أن أكتب عن الضوء الأسود
فدوما تأسرنا الحياة بعيدا وننسى الجمال الكامن فيه
لذلك كتبت التالي :


الأضواء تجلي دوما ما غاب عن إدراك الحس , إلا ضوء واحد يزيد من حياتنا غموضا و يدعنا دوما حيارى أكثر

ضوء لا نعترف بوجوده بالرغم من أننا دوما نستسلم له و لا نقاومه

لا نبحث بداخله عن كنز خفي يحيل ظلمة النفوس إلى روضة غنَّاء, قد يكون نورا تخشاه الشموس وتأفل لطلعته النجوم لكننا نخشى الغوص فيه

رغم أننا قد نحصل على أروع الآلىءالمكنونة بين ثنايا ذراته لكن الخوف من الأسود يجعلنا دوما أسرى الظلام الضوئي

فلينطلق شيء ما بداخلك الى أعالي السماء كي ترتشف نورا بكرا لم تلوثه شوائب أرضية

ضع كل معوقاتك الحسية جانبا و التمس قبسا من ضوء الظلام حتى لو كنت تسميه عبثا


ضوء أسود

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

أرواح و دُمى

مصدر الصورة هنا

في احدى الفيلات الساحرة القابعة في ارقى احياء القاهرة كان هناك ثلاثة اصدقاء يتبادلون اطراف الحديث في بهوها الفاخر بالرغم ان كلا منهم يعمل في مجال مختلف الا انهم اصدقاء منذ الطفولة اولهم ذلك الشخص البدين الذي يفرط دوما في التدخين بالرغم انه طبيب وحين تسأله كيف لطبيب ان يدخن ويأمر غيره بعدم التدخين يضحك ويقول هكذا اريد ان اصنع وهكذا اريدك الا تصنع , ان التدخين مجرد ارادة لا اكثر, انه الدكتور مجدي طبيب في اواخر الثلاثينيات ,اما الثاني الذي يختفي وجهه خلف شاربه الكث هو الاستاذ وحيد صاحب شركة سياحية, اما الثالث فهو صاحب الضيافة رجل الاعمال سامي الذي يشتهر دوما بانه مغامر يدخل الصفقات التي يظنها الجميع خاسرة ليحولها الى مكاسب طائلة هكذا لا يخشى المغامرة او يخشى شيئا
لو اقتربت معي منهم ربما تناهى لك فيما يتحدثون
كان الاستاذ وحيد يرتشف الشاي وهو يقول : في الشهر الماضي قابلت سائحا غريب الاطوار كان يواجه بعض المشاكل مع شرطة السياحة لانه كان يصطحب معه حيوانا غريبا اشبه بالسحلية ولكنه اكبر قليلا وحين ساعدته في حل تلك المشكلة مع الشرطة صرنا صديقين وتبادلنا بعض الاحاديث كان من المهتمين بمجال السحر فتحدثنا عن عالم الارواح كان يقول لي هل تعلم ان الارواح البشرية يمكنها ان تغادر الجسد وتسكن جسد آخر وتحتله و تغير نمط حياته بالطبع لم اقتنع بما يقول فاجابني ان للجن ارواح مثل الانس وكونهم يستطيعون ان يخترقوا حياة الآخرين ليس حكرا على الجن نعم ستقول ان الجن لا يحويهم عالمنا المادي لكن يحويهم عالم له ابعاد اخرى كل ذلك قد اتفق معك فيه لكن اليس حين يموت البعض قد تبقى ارواحهم الشريرة لتمس بعض الناس الآخرين؟ واليس النوم هو موت؟ لذلك بحثت في ذلك الامر كثيرا حتى استطعت التوصل لعقار يستطيع ان ينقل ارواحنا ويجسدها في جسد آخر
قاطعه سامي : ما تقوله جنون لا يصدقه عقل ولا استطيع ان اتفهم تلك النظرية الغريبة عالم الاعمال يعلمني دوما ان المعادلات المنطقية فقط هي التي لها وجود ومعادلتك ليست منطقية فحاصل جمع وواحد و واحد لا يكون الا اثنين
اجابه وحيد : اتفق معك يا صديقي ولكن ذلك السائح المجنون ارسل لي بالامس تلك القنينة قائلا ذلك هو العقار الذي يتحدث عنه
امسك سامي بالقنينة برهة وفتحها وقربها من انفه ليتنسم رائحتها العطرية الرائعة ثم أدناها من فمه في ذهول من الجميع وبمنتهى الجرءة لم يستطع ان يمنع روحه المغامرة في احتساء السائل الموجود
الدكتور مجدي : ماذا فعلت يا مجنون.؟
سامي : لا شيء .. اعجبتني رائحتها فشربتها اوه ذلك المذاق الشهي كأنه عصير من كل فواكه الارض اشعر كأنه مزيج من الفراولة والليمون والمانجو يا له من مذاق شهي وهاأنا امامكم لم يحدث لي شيء انه مجرد هراء
هدأ مجدي قليلا ثم قال : حسنا يا صديقي اخبرني هل ستذهب للحفل الخيري السنوي نهاية ذلك الاسبوع
سامي : قطعا يا صديقي فجومانة ستحضره ولا استطيع ان امنع نفسي من ان اراها , يا لها من ساحرة إن قيل أن الجمال تجسد في جسد سيكون جومانة وإن قيل أن الجمال تجسد في روح سيكون جومانة ايضا , هي في حياتي كالشجرة الظليلة التي اهرب اليها من عالمي المادي الجاف
تبادل الصديقان الابتسامات وهم يتابعون صديقهما المغرم و هو لا يتوقف عن الحديث عن جومانة حديثا لا ينقطع حديث يقتل الوقت حتى اتى وقت الرحيل فرحل الاصدقاء
بينما ذهب سامي للنوم ولا يفكر الا في شيئا واحدا جومانة حدث نفسه كم هو يهواها ويتمنى ان يظل معها طوال عمره
ونام سامي ولم يعلم انها ربما تكون آخر مرة ينام فيها لأن روحه غادرت جسده لكنه ما زال يتنفس وما زال حيا
رحلت روحه لتبحث عن وليفتها في عالم الارواح لتحلق بجوارها في سماء الصفاء
*********************************************
آنسة جومانة لقد نسيتِ باقي الحساب قالها البائع وهو ينادي على تلك السيدة باهرة الجمال التي اشترت تلك الدمية ورفضت وضعها في حقيبة بل ضمتها الى قلبها وهي تخرج من المتجر
وحين غادرت ذلك المتجر لم تنتبه الى ان هناك من يتبعها , عيون يملؤها الجوع وقلوبا يملؤها الشره , وحين انعطفت لشارع جانبي حيث سيارتها هاجمها الرجلان ليضعاها في سيارة ويهربون بها بعيدا
وكر مقيت كريه الرائحة كرائحتهما او كروحيهما
قال احدهما بينما عيناه لا تتوقف عن حركة عصبية تجعلها تغمض وتفتح بطريقة عصبية
- اذهب واجر اتصالا بوالدها الثري من السنترال وابلغه اننا نملك جومانة ان ارادها فليدفع الفدية
- كم سنطلب يا صالح ؟
- خمسة ملايين جنيها ولن يرفض
ضحك سالم بشره وذهب الى السنترال واجرى الاتصال بينما صالح بقى وحيدا في الوكر الخاص مع جومانة يلمس بانامله الغليظة وجنتها النضرة ويمرر اصابعه القذرة على شعرها الحريري بينما عيناه لا تتوقف عن حركتها العصبية
ويهمس في اذنيها : بعد ان نقبض الفدية ستكونين لي فانت لن تعودي لبيتك مرة اخرى
وابتسم في قذارة
عاد سالم و اتفقا الاثنان على ان يتبادلا نوبة الحراسة فذهب اولا صالح للنوم بينما بقى سالم ساهرا
حين رقد جسد صالح كانت افكاره تحلق عاليا في الملايين القادمة اليه بسهولة يفكر ماذا سيفعل ويمني نفسه برحلات حول العالم وقصور حتى الجاكوزي وحمام السباحة لم يفلتا من طموحاته
وقادته احلامه للنوم ليرى رجلا يقاتل رجلا آخر ويتبادلان الضرب بقوة يقترب منهما اكثر
ينظر في وجه احدهما كأنه ينظر للمرآة فالرجلين هما هو
نعم انه صالح نفسه يقاتل صالح وصالحا ثالثا يقف يراقب ما يحدث كان احدهما صالح بهي المنظر وصالح الآخر مقيت كحالته
يشاهد المشهد في عجب ويحاول ان يوقف الشجار دون جدوى لكن ما اوقفه هو يد سالم تهزه لأن يتسلم نوبة المراقبة
اخذ صالح برهة من الوقت ليعرف اين هو ولماذا هو هنا
قبل ان يقوم ليتسلم نوبة المراقبة
جلس بجوار جومانة ليراها كما لم يرها من قبل يرى روحا طاهرة سكنت جسدا بديع
نظر اليها يحدثها
اعلم انك تكرهينني كما لم يكره انسان
اعلم انك تمقتيني
ولكن كيف تمقتي طفلا رأى فتاة تحتضن دميتها لتستمد منها الامان وهو ملقى في الضواحي بلا مأوى يرتوي من عرق الحياة المر شرابا كالعلقم يزيد مرارة ايامه
كيف تمقتي طفلا بحث عن نفسه فلم يجد شيئا يدله عليها ولم يجد اثرا يقتفيه حتى يصل لروحه , اعلم انك خائفة مني بل انا ايضا اخاف نفسي ولا اعرف لماذا اقول لك هذا الكلام لكنني اشعر انني اريد ان اتحدث بداخلي بركانا يريد ان ينفجر واريد ان اتحدث مع احدهم
ازاح صالح الشريط اللاصق من على فمها لم يخف ان تصرخ وهي ايضا شيئا بداخلها حثها على عدم الصراخ
قالت : وهل الطفل يختطف او يقتل او يغتصب ؟ لا تتدعي البراءة يا هذا
- ان مات بداخله الامل صار الطفل وحشا
- وماذا عن الايمان؟
- عندما كنت صغيرا ذهبت الى المسجد مرة وكنت جائعا ممنيا نفسي بما قيل لي ان الله يحب من يطيعه ويصلي له, فيرزقه فخرجت من المسجد وانا جائع ايضا وكانت هذه نهاية الايمان بالنسبة لي
- كم انت فقير يا هذا كيف تحيا بلا امل وايمان انك ميت وانت لا تعلم
نظرت لدميتها الملقاة على اطراف الوكر قائلة: ان بداخل كل منا دمية يستمد منها الامان لكن دميتك هي وحش احال نفسك للجحيم وحملها بعيدا عن طريق الصواب انك حقا تثير الشفقة
ادمعت عين صالح وهو ينظر للدمية الملقاة بعيدا ثم ذهب في اتجاهها واحضرها وقدمها لها وتلاقت العيون لاحظت ان عينيه توقفت عن حركتها العصبية التي كانت تشعر حين تلاحظ تلك الحركة ان العينين تقاومان النظر بعفوية وان هناك من يسيطر عليها ليريها ما يشاء
- كم هي رائعة  عيناكِ هذه اول مرة منذ بدئت الليلة انظر اليها هكذا اشعر انني تحت تأثير سحر خاص تملكينه انت داخل عيونك
شعرت بالخجل فاغمضت عينيها وازاحت رأسها عنه
تابع قائلا : اشعر كأنني ولدت من جديد على يديكِ اشعر كأنني اول مرة اتنفس هواء نقيا غير الهواء الملوث الذي حييت به طوال حياتي
ازال القيود عن معصميها و امسك برسغها واخرجها من الوكر هربا معا بينما سالم ما زال يغط في نومه
كان الصباح قد بدا يتنفس وبدأت الناس تخرج لعملها بينما هو وهي مازالا يسيران في طريقهما المحفوف بالمخاطر فسالم لن يرحمه ان عرف بما صنع فجومانة تعرف ملامحه و سيعتبر ما فعله صالح خيانة
****************************
قام الخادم بمحاولة ايقاظ سامي دون جدوى , فسامي لا يستجيب لمحاولة الايقاظ فما كان من الخادم الا ان اتصل بالدكتور مجدي صديق سامي الصدوق الذي قدم على عجل هو و وحيد فكانا الوحيدين الذين يعلمان بما فعله سامي بنفسه بالامس
- التنفس طبيعي والنبض طبيعي الا ان جسده بارد جدا كأن حرارة الحياة غادرت جسده (هكذا قال الدكتور مجدي )
- ماذا فعل بنفسه ذلك المجنون والى متى سيظل في تلك الغيبوبة
- لا اعلم الى متى سيظل نائما ولا اعتقد انه يوجد علاج لايقاظه
- ساحاول ان ارسل لصديقي السائح الغريب ربما كان لديه علاجا لحالته
************************************
اوصلها صالح لمنزلها وهم بالعودة الا انها استوقفته قائلة : هل سأراك مجددا؟
لم ينطق صالح
- لا تقل لي انك دخلت حياتي وخرجت منها في ليلة واحدة كأنك عابر سبيل
- هذه هي الحقيقة يا سيدتي ما انا الا عابر سبيل وحان وقت رحيلي
- بل انت ملاك بداخلك روح طاهرة لكن لوثتها الحياة التي لا ترحم
انطلق صالح يحمل نفسه حملا بعيدا عنها لأنه يشعر كأن عينيها مغناطيس يجذبه جذبا اليها , انطلق والافكار تغتاله والصراع يتولد بداخله بين روحين ماذا فعلت بنفسك ايها المجنون
لقد فعلت الشيء الصحيح لاول مرة في حياتي
- كلا لقد حفرت قبرك بيدك سالم لن يتركك
- لا يهم فقط لاول مرة شعرت انني حي
- الم تكن حيا من قبل؟
- كنت حي كالموتى هذه اول مرة اتذوق النور
لم يقطع ذلك الصراع بداخله الا عيون سالم الغاضبة وهو يحمل مطواة حادة ويغرسها في قلب صالح وهو يقول : كالعادة انت جشع يا صالح اردت ان تحصل على الفدية وحدك فاحصل عليها الآن
هرب سالم بينما صالح مسجى على الارض مثخن بالدماء تغادر روحاه الاثنتان جسده
*********************
كان وحيد يتكلم بهاتفه المحمول مع السائح بلغته الاجنبية بينما مجدي يراقبه ينتظر جوابا شافيا لحالة سامي الا ان الاحباط على وجه وحيد انتقل بالقلق والتوتر على وجه مجدي قبل ان يغلق وحيد هاتفه ويقول لمجدي الحل هو ان تتحرر الروح مرة اخرى من الجسد الذي سكنته وذلك لن يتم الا باخذ ذلك الجسد للعقار او ان يموت الجسد
- وكيف نعرف ذلك الجسد الذي سكنته؟
- اخبرني ان الارواح تبحث عن وليفتها وتبقى قابعة بجوار من تحب
- جومانة؟ ومن الاقرب لها ؟
- لا اعلم
هم كل منهما بالذهاب لبيت جومانة الا انه اوقفهما سعال سامي فنظرا اليه وجداه يفتح عينيه ويتسائل اين انا
- ايها المجنون ماذا فعلت بنفسك؟ الحمد لله انك عدت الينا اخبرنا ماذا رايت
- لم ارى شيئا فقط كنت نائما
- لا عليك يا صديقي حمدا لله على سلامتك
اتفقا على ان يلتقيا للذهاب للحفل الخيري وفي الحفل الخيري ذهب سامي ليجلس مع معشوقته جومانة لم يلحظ التوتر الذي ينتابها وانها اقل ترحابا به من كل مرة ولم يعرف قصة اختطافها فعائلتها قد اخفت الخبر عن الجميع , كانت جومانة تفكر بصالح ومصيره ولم تعلم ماذا حدث له
بينما كان سامي جالسا يحاول ان يحدثها عن اعماله ومشروعاته وصفقاته المستقبلية وهي لم تنظر اليه طوال السهرة حيث كانت تنظر نحو الباب تمني نفسها بقدوم صالح في أية لحظة  لذلك لم ترى تلك الحركة العصبية التي تصدرها عينا سامي

الأحد، 4 ديسمبر 2011

تدوينة وطن ..( قصة شعب )



السبب



صرخة زلزلت  جبال  قلوب سيبيرية  فصنعت براكين أرواح فيزوفية

----------------------------------
الحدث


شعب عنقَاويّ .... كلما ظننته انتهى إذا به يعانق السماء

---------------------
ثم .....

حتى السماء حين تطالها أعناقهم تبكي فرحا ... وتهدر فخرا