الثلاثاء، 31 مايو 2011

صقر ضرغام

اول بوست لي في حملة التدوين لشهر يونيو 2011 والله اعلم هاقدر اكمل فيها ولا لاء بس ربنا يقدرني
قررت انه يكون البوست ده هو عن ذكرى بتمر بينا الفترة دي
الذكرى الرابعة والاربعون للنكسة اللي محتاجين نفتكرها كويس محتاجين نتعلم منها في كل وقت
اسيبكم مع البوست


صقر ضرغام



صقر ضرغام
حين نادى العسكري هذا الاسم ضحك الضباط
نادوه ان تعالى
وقف صقر ضرغام انتباه اما ضباط العدو  ففي الاسر ليس لك الحق في ان تقف غير انتباه
صقر ضرغام؟ هل انت ملك الطيور وملك الغابة؟ اننا لا نراك الا فأرا مذعورا
تكاد الدموع تتساقط من عينيه وهو يتذكر ما حدث منذ ايام في حرب لم تستمر سوى ست ساعات
فمثل تلك الايام في شهر يونيو حرارة الشمس تغشى الوجوه ولا تجعله يرى الامور بتركيز فهو ما زال مشوشا لا يدري كيف حدث ذلك
كان ضباط العدو حينما يريدون السخرية ينادونه ويضحكون على اسمه
لذلك في احدى الايام امروه هو وزملائه في عمل حفرة كبيرة وحين انتهوا امروه ان ابقى بعيدا وامروا كل زملائه بالنزول في الحفرة وأهالوا عليهم بالتراب
التراب يغشى الوجوه و الدفن حيا اشد الما حين يكون لديك شيء من كرامة
حين رآهم لم يستطع ان يمنع نفسه من البكاء والنحيب هؤلاء خيرة الشباب قاتلنا معا هزمنا معا اسرنا معا لكن ذلك لم يفتر حماسنا ان هناك شيء ما يخبئه لنا الزمن ما دمنا احياء سنعود
لكنهم الآن ليسوا احياء و كل ما منعه ان يلحق بهم هو اسمه مثار السخرية  كم يكره اسمه الآن
مرت الايام ثقالا وهم يتفنون في تعذيبه فهو ملك الارض والسماء ملك الطيور والغابات وللملوك عذاب مضاعف
لم يسلم شبر من جسده من ويلات التعذيب
وفي احد الايام  لا يعرف اي يوم فكل الايام تتشابه لكنه يوم سبت لأن اغلب الضباط الساديين في اجازة
في هذا اليوم سمع دوي الطائرات وهي تقصف هنا وهناك لا يعرف من اين اتت او طائرات من فقط هذا ما حدث بعدها بفترة عرف ان المصريين قد عبروا القناة فسجانيه كانوا هلعين فزعين يجرون هنا وهناك في قلق شديد
بعد فترة  تمت عودته لارض الوطن ارض الحرية ارض السلام بعد اعوام مقفرة
لكن حين عاد رآه يحلق عاليا في سماء بلده الطاهرة عرف ان المصريين لم ينتصروا طالما ذلك العلم القميء يحلق عاليا ويتحدى ملك الطيور في سمائه
كم صار يكره اسمه اكثر فهو يخسر كل التحديات كيف يسمى بذلك الاسم وهو لا يستطيع ان يحمي اصدقائه حين يدفنوا احياء او حتي يحمي ذكراهم وينتقم لهم حين يتركوا الحياة
الايام تمر ثقالا لكنها تمر وهو كل يوم يأتي الى ذلك المكان الكريه من ارض مصر كي ينظر الى ذلك العلم
الروائح الكريهة تملأ المكان
مرت الاعوام عديدة والاحداث تتوالى ولكنها كلها في جانب واحد
كلما قرأ خبر عن التطبيع ذهب الى ذلك العلم ووقف تحته مخاطبا اياه كيف اقتلعك من سمائي وان لا استطيع ان أغير شكل الخريطة كنت اظنني انا ملك الارض والسماء فاستطيع ان امحيك ايها العلم من سمائي باقتلاع جذور دولتك من ارضي لكن ملك الطيور ما زال حبيسا في قفصه ولن يستمر ذلك  الحبس طويلا

كل يوم الروائح الكريهة تزداد لكن انف من تعود على تلك الروائح اكثر من اربعين عاما صارت لا تشم
ففي الطعام رائحة كريهة فبه رائحة مبيداتهم وحبوبهم
 في الملبس رائحة كريهة فهو من نتاج الكويز
في جاره الموظف المرتشي رائحة كريهة في الطالب الغاش رائحة كريهة في المسئول الغير مسئول رائحة كريهة تعددت الروائح ولم يخلق الله له الا انف واحدة من الطبيعي الا تستطيع التحمل والموت
في احدى الايام عرف ان هناك مظاهرة شارك فيها واذ بالمظاهرة تتحول الى ثورة
ثورة من شأنها ان تعيد الحياة لتلك البلد التي مات وتيبس كل ما فيها ولم يبق فيها الا علم قميء يرفرف في سمائها
كان قطار عمره يمضي ظهره الذي انحني بفعل اعوام الصمت وعيناه التي لا تكاد ترى من خلف نظارته الغليظة الا علما بعيدا في السماء وانفه التي قتلتها روائح الايام كل ذلك جعله لا يهرب من قنابل مسيلة للدموع او رصاصات مطاطية فكيف لمن يموت كل لحظة ان يموت
بعد ايام قليلة من بداية الثورة تهاوت دولة الظلم المصرية وما زال العلم مرفرفا في سماء ملك الطيور
جرى الى مكانه المعهود لكنه لم يجري وحده آلاف ذهبوا معه كان هو اعلاهم صوتا فهو يعرف من هم اصحاب ذلك العلم
قال بصوت عال : انا ملك الارض والسماء وانت مجرد شيء تافه لا اصل له رفرف بكل قوتك الآن فسوف اقتلعك قريبا وقريبا جدا

السبت، 28 مايو 2011

الحقيقة



 كم يكره نفسه حين يضطر للذهاب الى السوق ان كل البشر هناك يجتمعون ويتفنون في ترويج الاكاذيب والاشاعات
لا ينتبهون لما يقولون ربما يقسمون بأغلظ الأيمان  كذبا من أجل ان يبيعوا سلعهم بباهظ الاسعار
ربما يرى السماحة في وجه البائع لكن سرعان ما تتضح الحقيقة حين يقسم ان تلك السلعة ثمنها خمسون جنيها وبعد قليل يبيعها بثلاثين
اهل السوق تجار وفي التجارة كل شيء مباح
هو كان يكره ذلك طوال حياته ويعرف انه لو قدر له ان يكون تاجرا كان سيفشل لانه لا يجيد فن الخداع فهو يقدم مبادئه على قوته
لن يكذب
لذلك كان يتم خداعه دوما حين ينزل للاسواق لأنه كان يقدم حسن النية في التجار فيدفع في السلعة اكثر مما تعادل بطيب نفس لكنه سرعان ما يكتشف سذاجته حينها يكره نفسه ويكره ذلك العالم
ذلك العالم الذئبي الذي ان لم تكن فيه ذئبا أكلتك الذئاب وهو لن يكون ذئبا حتى وان قتلته الذئاب
تذكر الحديث الشريف (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) من في كل هذا العالم سلم المسلمون من لسانه فلم يكذب ولم يشهد زورا ولم يسب ولم يخادع ولم يغتب و لم ينم ولم ولم
ومن فيهم من سلم المسلمون من يده فلم يبطش و لم يسرق ولم يظلم ولم ولم ولم
الاجابة : لا أحد
اذاَ ليس هناك مسلمون يعرفهم فكلهم لم يسلم المسلمون من أذيتهم وينسون ان الدين المعاملة
قرر الهرب بمبادئه قبل ان يعطب قلبه فالتفاح المعطوب سرعان ما يفسد كل التفاح الموجود معه قرر الهرب قبل ان يصبح ذئبا آخر حين تضعف نفسه
لذا حين عاد لزوجته فاتحها في ان يهربا يبحثان في ارض الله عن بقعة يتعبدان فيها لله  لا يجدان فيها غير الله
رفضت الزوجة كيف لها ان تترك الحياة في وسط البشر لتحيا في ظلمات الوحدة ليس فيها بشر
لذلك لم يجد سبيلا ان يطلقها فنور الله في عينيه اهم من اي بشر حتى ان كانت زوجته خلع ساعته ورماها كان يشعر انها قيد مكبل به و الآن لا يحتاج الزمن لقد وهب نفسه لله
رحل بعيدا قصد مكانا بعيد عن ارض البشر
هل سيخاف جوعا او عطشا كيف لمن يرتجي الله ان يخاف
اقام في صومعة صنعها وظل يتعبد الله اياما وشهورا احس بأن قلبه صار رقيقا اكثر كان يفكر بعض الاحيان في زوجته التي تركها لكن سرعان ما يعود عن التفكير كان لا يعلم انها الآن تزوجت ذئبا آخر في ذلك العالم الذئبي ذئب يستطيع ان يحيا وسط الذئاب  ويتعامل معهم كانت عيشتها رغيدة لكنها لم تشعر بتلك الراحة التي كانت تشعر بها مع زوجها السابق في الماضي
اما هو كان يناجي ربه
اللهم يا رب البشر يا خالق الشمس والقمر يا رازق النمل في كبد الحجر يا مزهرالازهار يا مثمر الشجر تب علي و احيي قلبي بالايمان حياة الارض بالمطر
كان ليلا ونهارا يدعو والدموع غزيرة وفي احدى الايام وبينما هو يناجي تذكر شيئا نفس الحديث الشريف (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) هل من لم يفعل ذلك لم يكن مسلما ام انه تعريف فقط للمسلم؟ سؤال ارقه ربما كان من باب الترهيب فقط لكنه ظلم كل مسلمين الارض باتهامه لهم بانهم ليسوا مسلمين اغرورقت عيناه بالدموع وبح صوته من النحيب طوال الليل فهو يعلم ان ذنبه لن يغفر الا حين ان يسامحه كل من أخطأ في حقهم فكيف يذهب لاثني مليار مسلم يطلب مغفرتهم  لذلك صرخ وقع على الارض من شدة الاعياء وسقط مغشيا عليه
بينما مر بصومعته بعض الرجال فدخلوا الصومعة فرأوه ملقى في الارض ميتا كان يشتمون رائحة شواء فاذا هي كبده التي قام بشوائها احساسه بالذنب

السبت، 21 مايو 2011

قيد من حنان

هذا الجزء هو من اجزاء معطف من قيود
وهو تكملة للجزء الذي كتبته المبدعة دعاء العطار
من هنـــــــا


قيد من حنان


ظهرت علامات التعجب على ملامح( سيدة) عندما اعطتها (علا )المعطف وتساءلت في نفسها لماذا عدت الي ايها المعطف الغريب؟ ربما تود البقاء معي
دخلت غرفتها وضعت المعطف على جسدها البدين وحاولت ان  تحلم بانها امرأة اخرى
حلمت بزوجها مازال في شبابه مازال يلاطفها حلمت انها تتمشى معه على كورنيش النيل يراقبان العشاق بابتسامة حالمة
لكنها ما لبثت ان استيقظت من الحلم وحين حاولت ان تضع المعطف بدولابها وجدت عباءة كان قد اهداها لها زوجها منذ بداية زواجهما عباءة لها مذاق خاص في حياتها اخرجت العباءة واشتمت رائحتها واستنشقت عبيرها كمن يستنشق الذكريات يملأ بها صدره حينها وجدت نفسها ترمي بالمعطف بعيدا وتضع العباءة بحرص واعتناء شديدين في الدولاب مرة اخرى
اخذت المعطف وذهبت لابنها ماهر الذي لم يكن ماهرا الا في اصطياد الفتيات فبالرغم من ان والديه طيبين الا انه قد يخرج من ظهر العابد فاسق
طلبت سيدة من ماهر ان يأخذ المعطف ويتبرع به لاحدى الجمعيات الخيرية لعل هذا المعطف عندما عاد كان يريد الله خيرا لهم وان يكسبوا ثوابا من ورائه
بينما كان لماهر خطة اخرى بدأت عقلية ماهر المرعبة تحيك ابغض المؤامرات على وجه الارض مؤامرة وضع الفخاخ
ربما كانت والدته تريد ثوابا من وراء هذا المعطف لكنها اعطت المعطف لمن لا يعرف قيمة الثواب
اخذ ماهر المعطف وخرج انتظر (جميلة) ذات الستة عشر عاما عند باب خروجها من المدرسة 
كانت جميلة جميلة بحق كان اسمى على مسمى بل انها كانت تجسيد لمعنى الاسم او الاسم تجسيدا لها عيناها الجميلتان فيهما حلم طفولة مازال يداعب القلب فتعكسه العيون 
كانت تعرف ماهر فهو دوما ينتظرها كانت لا تعرف ان كان صادقا ام كاذبا لم تسأل والدتها عنه فوالدتها لم تكن صديقتها قبل اليوم
كان والديها دوما ينسيان ان البنات كالماء ان قبضت عليه انساب من بين اصابعك وتساقط على الارض ووطأته الاقدام وان بسطت يدك ايضا سقط ووطأته الاقدام فعليك ان تحمله بحرص وعناية شديدة حتى توصله الى مكان آمن
كان الوالدين لا يعلمان عن ذلك شيئا وخوفهما على جميلة التي لم تكمل عامها السادس عشر حتى ظهرت على ملامحها نضج مبكر وجمال وحيوية شباب يسلب العقول خوفهما كان يحثهما على معاملتها بقسوة وحرمانها من اشياء كثيرة دون ان تعرف جميلة لماذا
كل هذا ادى بجميلة للبحث عن متنفس
والمتنفس كان في ماهر
وماهر كان ماهرا حقا في فهم شخصية جميلة  وعرف كيف يغزو قلبها ويسلب روحها دون ان تشعر
ربما سألت نفسها يوما هل تحبه؟
فكانت الاجابة انها لم تجرب من قبل او تشعر بمعنى كلمة حب لذلك هي مبهمة لديها
 لكن احساسها بأنها مراهقة يحثها على اقناع نفسها بانها تحبه فمن حصيلة فهمها لكل الافلام والمسلسلات ينتج ان المراهقة سبة و انت مراهق  تعادل انت ابله ولن تسمح لنفسها ان يصفها احد بالمراهقة هي كبرت و عرفت معنى الحب ومعناه هو ان ينتظرها ماهر يوميا على باب المدرسة يلقي عليها وابلا من الكلام المعسول
الا انه في ذلك اليوم اعطاها هدية ثمينة
معطف لا تلبسه الا الحسناوات معطف لا يعرف قيمته الا الناضجين معطف ربما يطير بسنين عمرها عشرة اعوام فتصبح هي مالكة امرها بعيدة عن تحكمات والديها
معطف فيه الخلاص من عبودية الاوامر
كان المعطف بجماله الآخاذ يسلب ناظريها ويخلع قلبها اليوم ستتمرد على قيود افكار الابوين اليوم ستقفز عشر سنوات ستصبح مالكة امرها 
من فرط ذلك الاعجاب بالمعطف وتفكيرها في انه حل لكل مشكلات حياتها لم تسمع ماهر وهو يخبرها انه سيأتي اليها غدا بعد ان يكون قد قام بتجهيز المكان الملائم ليتم الزواج العرفي
زواج عرفي  ؟ هل كبرت لتلك الدرجة كلمة الزواج التي تؤرق خواطر كل البنات اصبحت اليوم في متناولها  كان من الممكن لكلمة عرفي ان تعكر مزاجها لكن البعض في القنوات الفضائية يقولون انه حلال اذا هو زواج صحيح اذا هو كسر للقيد الذي عاشته ستة عشر عاما
ارتدت المعطف و مشت في طريقها للمنزل وهي تمثل على نفسها قبل ان تمثل امام الناس انها انثى في الخامسة والعشرين خبأت يونيفورم المدرسة بالمعطف تمايلت  عاشت كأنها فاتنة
ماذا ستقول لوالديها من اين حصلت على هذ المعطف؟ لا يهم فقط الاهم ان تحيا لحظات انها اقوى من القيد
وبينما هي تسير  بخيلاء انثى في منتصف العشرينات اعترض طريقها بعض الشباب  شباب ليس له عمل في تلك الدنيا الا ان يؤرقوا حياة الفتيات
بدأت الكلمات والمعاكسات تترامى على اذنيها بدا الغزل
كانت تتمنى في الماضي ان تصبح مثارا للغزل والفتنة امام الجميع لكن حين جربت ذلك الشعور احست بضيق شديد ورعب وخوف عارمين
لذلك اسرعت قليلا وبدات تجري في خطوتها والملاحقات مستمرة والرعب مستمر
حينها فقط شعرت ان ذلك المعطف يكبل قدميها ويمنعاها من الوصول الى منزلها حيث الامان ويلقي بها في طريق هؤلاء الشباب  وهي لا تشعر بالامان لقد ذهب رونق ذلك المعطف ولم يبق منه غير الالم
خلعت المعطف سريعا والقته في جانب الطريق  واسرعت نحو المنزل  حينها رن هاتفها المحمول
انه ماهر
اقفلت الخط واخرجت شريحة الموبايل وقذفتها بعيدا
وحين عادت للمنزل ارتمت في احضان امها هاتفة كم احبك يا اماه
تعجبت الام لم تكن صديقة لابنتها قط واستغربت ذلك العناق ولكنها فهمت ان ابنتها تحتاج الى بعض الحنان اليوم فوطدت العناق وفوجئت بجميلة تحكي لها عن كل ما حدث في يومها دون حتى ان تسألها
امسكت الام بيد ابنتها وقادتها الى المطبخ قائلة
- اتعرفين ما الفارق بين كل سيدة واخرى في الطهو ولماذا لكل منهم نكهة خاصة يستطيع المقربون معرفتها؟ انه شيء يسمى النفس
والنفس كبصمة اليد يختلف بين انثى وأخرى كل ما على الام ان تشرح لابنتها خطوات أخذ النفس بينما على البنت الابداع في كيفية تنفيذ تلك الخطوات لتنجح الطبخة
النفس يجب ان يؤخذ بعمق فيصل الى اعماقك يلامس مبادئك واعرافك يداعب خصالك وصفاتك كي يصبح بصمتك انتي فقولي لي كيف وانتي واضعة معطف ثقيل يجثم على صدرك يضيق عليكي الانفاس كيف لذلك النفس ان يعبر عنك كيف يصل لاعماقك بالتاكيد فان الطبخة ستفسد ولن يصبح لها طعم الابداع
بنيتي ربما اخطأت حين ظننت انك ما زلتي صغيرة من الصعب  ان تتعلم لكنني اعدك ان اعلمك كثيرا عن مواجهة الحياة
استمعت جميلة لامها بانبهار
هذه اول مرة والدتها تكلمها بتلك الطريقة شعرت حينها فقط ان سنوات عمرها قفزت اكثر من عشرة اعوام في الساعة الماضية لكنها بالرغم من ذلك لم تمنع نفسها ان تحيا حياة طفلة ترتمي مرة اخرى في احضان امها ففي ذلك الحضن فقد تشعر بالامان حتى وان كان قيدا

الأربعاء، 18 مايو 2011

عابر سبيل (مجموعة قصصية قصيرة )


عابر سبيل


وحيدا في صحراء قاحلة لا ترحم أحد
عيونه كأس دم وجلده يكاد يسقط من جسده من شدة الاعياء
حرارة الجو تصهر عظامه
ظمآن هو  فلا يوجد ماء في الصحراء الا من سراب
بوصلته فقدت الاتزان واحساسها باقطاب الارض
تائه ضائع يائس  مرهق متعب منهك
وفي ظل كل ذلك نسي لماذا مر من هنا والى اين يريد ان يذهب
وفي ظل كل ذلك لم يصبح مهما لديه ان يعرف لماذا اتى والى اين يذهب
--------------------------------------------------------
باب


دقات متوالية على الباب
من بالباب  لا احد يرد
القلق يملؤه
ربما كان دائنا يريد مالا
ربما كان رجلا يريد قتله
ربما كان صبي المكوجي ارسله ليأخذ الملابس
ربما كان بشير سعادة وهناء
ربما كان شيئا تافها او شيئا حزينا او شيئا سعيدا
لكن فتح ذلك الباب هو نوع من المغامرة وهو لا يحب المغامرات
لذلك آثر على نفسه الا يفتح الباب وان ينتظر في صمت الطارق حتى يرحل
-----------------------------------------------------------
ممحاة


امسك بقلمه الرصاص ورسم شكلا بيضاويا منبعجا
لا يعرف له نقطة بداية او نقطة نهاية
ولا حتى يعرف مركز هذا الشكل الذي يدور حوله
وفي ظل متاهته تلك وجد نفسه يقول : هذه حياتي
فأمسك بممحاته في غضب ومحا حياته
-----------------------------------------------------------
غريق

الماء يغمره يكاد يغرق
يضرب بيديه في محاولة لتشدقه بالحياة للمياه
يبتغي النجاة وهو غير قادر على السباحة
الموت يحيط به من كل جانب ويقترب فاتحا فمه ليبتلعه
لكنه ما زال يتشبث بآخر آماله يضرب بيده بدون استسلام
فاذا بسفينة قريبة يراه طاقمه قيلقون اليه بطوق نجاة وينتشلونه
وبالرغم من مرور العديد من السنوات على تلك الحادثة الا انها تطل برأسها دائما على ذكرياته
فهي كانت المرة الوحيدة التي يتذكر فيها انه كان حيا وكان يناضل من اجل الحياة

------------------------------------------------------------
صدمة

كانا جالسين للعشاء على ذلك الكازينو
يستمتعان بالموسيقى الهادئة
رآها تبتسم للشاب الذي يجلس خلفه
صعد الدم الى رأسه ولم يتحمل
فصفعها صفعة قوية اقتلعت لها قلوب رواد الكازينو
فوقفت الموسيقى
وتوقف الرواد عن ضحكاتهم ومحادثاتهم
وتوقف هو مذهولا لا يكاد يصدق ما فعل
وتوقفت هي يملؤها كثير من  ارتباك المشاعر من غضب وحزن وندم وخجل ودموع متحجرة
لحظات من الصمت سادت المكان
لكن لم تطل هذه اللحظات
فعادت الموسيقى مرة اخرى وعادوا الرواد لضحكاتهم وعاد هو و هي يتناولان عشاؤهم
الا ان كل من يعرفونها يقولون ان هذا اليوم كان آخر يوم يرون فيه ابتسامتها

---------------------------------------------

ارتجاف اذيني


- اشياء كثيرة غير موجودة بهذا القلب لا أرى العدل والحب والرحمة والصدق واشياء اخرى كثيرة كيف تبقى حيا بدونها
- اعوضها باشياء اخرى
كانت هذه اول عملية يقوم بها ذلك الطبيب بدون تخدير المريض بناء على طلبه بحجة انه لن يشعر بألم فهذه العضلة لا يشعر بها من الاساس
خرج الطبيب من غرفة العمليات وكتب في تقريره: حالة ميئوس منها ليس لها علاج هناك فقط أذين قرر الثورة على كل ذلك الظلم و الفساد بتلك العضلة فقرر ان ينقبض لكن سرعان ما ارتجف رعبا حينما تم قمعه من السواد الاعظم لتلك العضلة الشبيهة بالقلب ولكنها ليست قلبا

الاثنين، 16 مايو 2011

آخر العنقود (مجموعة قصصية قصيرة )

تحليق



دخل المطار خائفا انها اول مرة يركب طائرة
حين جلس على المقعد وبدأت الطائرة في الاقلاع كان مرعوبا
لكنه استجمع شجاعته ونظر من نافذة الطائرة وجد نفسه يحلق فوق الطيور
كم كان هذا حلما يراوده ان يحلق فوق السحاب ولكنه عندما حقق هذا الحلم لم يشعر بالسعادة

--------------------------------------------------------
كم أحبك


قال لها : كم احبك  يا اماه وقبل جبينها ودخل ينام
استيقظت بعد عدة اعوام  لتجد نفسها وحيدة حاولت ان تتذكر ملامحه
و لم تكن تعرف انه الآن في احدى الشقق يقبل جبين زوجته قائلا : كم احبك
بعدها بسنوات دق الباب فوجدته بعد ان طلق زوجته محتضنا اياها قائلا كم احبك يا اماه والغريب انها تركته يقبل جبينها والاغرب انها صدقته
-----------------------------------------------------
آخر العنقود

كان يأكل عنقود العنب ويشعر بلذته ومع كل حبة لا يستطيع ان يمنع نفسه عن الحبة التي تليها
ما اجملها من حبات كاللؤلؤ
وما اشهاه من طعم
الحبات تتوالى حتى كانت آخر حبة في العنقود اكلها فكانت حصرما اضاعت لذة كل الحبات التي تسبقها
ولم يشعر انه اكل غير تلك الحبة
دمعت عيناه قائلا : اللهم لا تجعل آخر عنقودي حصرما
-------------------------------------------
لذة

كان يوما صيفيا شاقا تعب فيه اشد التعب
كم يتوق الآن لشربة ماء
حين عاد الى منزله اول شيء فعله ان فتح الثلاجة واخرج زجاجة الماء وصب كوب ماء
وحين شربه استلذ طعمه حتى انه نسي عطشه ما ألذه من احساس رائع
كان يظن ان اللذة في الماء فصب كوبا ثانيا لكنه لم يشعر باللذة
حينها قرر ان يصوم ويجبر نفسه على الزهد في الاشياء حتى يشعر بلذتها اكثر
--------------------------------------------
ثورة


كان يصدقه دوما ويعتبره قائدا يجب ان يطاع
لذلك حين قال دقت ساعة العمل
اجاب  اؤمرني وانا اعمل
فقال : دقت ساعة الزحف
فرمى نفسه على الارض وبدأ يزحف
 الاشواك تقتله وصخور الارض تدميه وما زال يزحف وينفذ ما يأمره
فقال : الى الامام الى الامام
فبدا يحاول ان يسرع في الزحف لكن سرعته الى الامام لا تتعدى سرعة سلحفاة تحمل صدفتها عن مضد وتجرها الى الامام
 يرى كل الشعوب تسير الى الامام بينما هو يزحف
فقال : ثورة ثورة
فاجاب اخيرا نطقت صدقا فقام من زحفه وحمل قلبه سلاحا وكرامته درعا وثار عليه
----------------------------------------------
كرامة


كانت دموعها تغرق خديها وهي جالسة معه في تلك الكافيتريا
قال لها : كفي عن البكاء فكل من في الكافيتريا ينظر الآن الينا اصبحنا كأننا دمى يجتاجون بنظراتهم حياتنا ترى لماذ تبكي؟ تراه ق يحب بأخرى؟ تراه قد خانها ؟ أتراه يرفض ان يتزوجها؟ والى آخره من كلام الناس الذي لا ينتهي
قالت له : الم تهتم لدموعي وأرق صفو جلستك نظرات الناس؟
قامت رافعة رأسها معتدة بنفسها ومشت في خطوات واثقة

الاثنين، 9 مايو 2011

موت اكلنيكي



ظلت تتأمله بحب وشغف وهو على سريره الابيض في ردائه الابيض كأنه ملاك نائم
بالرغم من الأجهزة التي تتصل بجسده الا انها تراه فارسها الوحيد الذي اقتنصها من ظلام الوحدة
الذكريات تمتلكها تعتصرها فتغمض عينيها لتستلذ منها 
آآآآآآآآه كم أحبك
اراك الآن ببدلتك السوداء جالسا بجواري بينما الكون يرقص فرحا ابتهاجا بزفافنا
اسمع صوتك حين همست في أذني تعدني انك لن تتركني ابدا حتى آخر العمر
وهمست لك اني احبك ولن اعدك فلا حياة لي بدونك
كيف سمحت لنفسك ان تسقط مني في غيبوبة ثلاثون عاما
ثلاثون عاما اناجيك ولا تسمعني
ثلاثون عاما ابتسم لك ولا تراني
ثلاثون عاما انتظر منك حرفا يزودني بالقدرة على الحياة فلا تتكلم
هل رأيت دموعي وانا اواجه الحياة بدونك؟
هل سمعت صرخاتي عندما قالوا لي انك ميت اكلنيكيا ولا فائدة من تلك الاجهزة
هل سمعت ما قلته لهم
قلت لهم ان اردتم ان تفصلوا هذه الاجهزة وهو ما يزال يتنفس فاقتلوني معه وادفنوني في قبره
دافعت عن حياتك امام العالم ثلاثون عاما
لأنني اعرف ان كنت مكاني كنت ستفعل ذلك لأنني اهواك
اهواك يا نور عيني كما لم تهوى امرأة من قبل
انتظرك كمن ينتظر شربة الماء في حضن الصحراء القاحلة
أين انت
سقطت دمعاتها الدافئة على وجهه فشعرت بحركته ربما كانت دموعها كالامطار التي قد تحيا بها الصحاري
وحدثت المعجزة
بعد ثلاثين عاما قام بفتح عينيه ليراها امامه
في البداية بهرته الاضواء وتشوشت رؤيته فعينيه مغلقة منذ ثلاثين عاما لم تر ضوء
وعندما بدات الرؤيا تتضح نظر اليها متعجبا كانت هي مذهولة لا تصدق انه اخيرا معها
اخيرا رأى واخيرا بدا يفتح فمه ويهم بالكلام
قال : أين أنا؟ ومن أنتي؟ تذكرينني بزوجتي الجميلة لكنك اكبر منها كثيرا فهي ما تزال شابة غضة
شابة غضة
اوقفتها الكلمة كثيرا
لأول مرة تتذكر انها كانت شابة وافنت شبابها على امل الانتظار لم تستطع الاستمرار
حملت شيخوختها وجرت بها بعيدا عن الغرفة انه ليس هو من انتظرته كيف لم يعرفني
كيف لم يراني بقلبه  ويتهمني بأنني عجوز
ثلاثون عاما قضيتها بجوار سريره لا افعل شيئا الا انني انظر اليه هو
لقد نسيت ملامحي  لأنني لا ارى سواه انتظر ان ينطق بكلمة وحين نطق وصفني بانني عجوز
ثم كيف له ان يحيا مع عجوز مثلي انه فقد ثلاثين عاما من عمره قضاها في غيبوبة
فالعمر يتم احتسابه مما تكتسبه من الخبرات الحياتية هو الآن عمره خمسة وثلاثون عاما بينما انا تخطيت الستين
كيف لشاب مثله ان يرتبط بمثلي
الدموع لا تريد ان تتوقف ربما لامرأة مثلها قد كتب عليها الدمع في كل الاوقات وان الدموع هي حياتها وما تبقى لها
سارت في الشوارع بغير هدى لا تعرف اين تذهب  وبمن تلوذ
بينما هو سأل احدى الممرضات عمن تكون تلك العجوز وحين اخبرته بكل شيء وعن الايام الطويلة التي قضتها بجواره و عن دفاعها المستميت لابقائه حيا كأنها تعلم انه سيفيق في احد الايام
حينها تذكر كل ما فاته تذكر حبه وعشقه وهيامه بها بل زاد ما كان يشعر به قديما اضعافا وجد نفسه رغم المه يقوم يبحث عنها
نزل الى الشارع
ما كل هذه العمارات الشاهقة ؟ اين انا
ليست هذه البلد التي عرفت ملامحها اختلفت
الناس مختلفون
ثلاثون عاما قد يموت فيها الكثير وقد يولد فيها الكثير
الزحام شديد والناس مسرعون يجرون في كل مكان الا هو واقف كالأبله لا يفهم من اين يبدأ والى اين يلوذ
بعد ثلاثين عاما من اللاوعي أفاق ليضيع حبه ويضيع من أحب


الجمعة، 6 مايو 2011

قصاقيص ورق (مجموعة قصصية قصيرة )

قصاقيص  ورق

امسك بمقصه صار يقص الورقة على هيئات البشر هذه امي هذا ابي هذ ااخي الاكبر هذه اختي الصغرى هذا صديقي بقي جزء من الورقة بلا ملامح قال هذا أنا
---------------------------------------------------
حوار

قال لها أحبك  قالت بل انا التي اهيم بك هكذا بدأ حوار
قال لها الى اللقاء قالت  بل قل وداعا هكذا انتهى  حوار
--------------------------------------------------
بلا صوت


صارت النغمات تنساب في الغرفة انسيابا كلما داعبت اصابعه اوتار العود وهام كل من بالغرفة بين بساتين النغمات وزهور السيمفونيات
وأصابعه كانت تتغزل على السلم الموسيقي صعودا وهبوطا باحترافية
وفجأة ساد الغرفة الصمت الذي انتزعهم من هيامهم  فنظروا اليه وجدوا اصابعه ما زالت تداعب الاوتار ولكن بلا صوت
-----------------------------------------------
سيجار

نزل الى ميدان التحرير أخرج سيجاره الفخم وأشعله
وجد ملايين الايدي تنتزع السيجار من فمه ويدهسونه تحت اقدامهم بقوة
نظر اليهم متعجبا الا انه وجد لافتات بايديهم تقول هذه المنطقة ممنوع فيها التدخين
-----------------------------------------------
حنين


عاد من مدرسته وجدها نائمة ظن انها مرهقة فتركها  فهي كل ما تبقى له بعد رحيل والده
ذاكر دروسه وأحضر غداؤه ونام 
استيقظ فوجدها ما زالت نائمة ظن انها استيقظت طوال الليل وهو نائم  فتركها وذهب الى مدرسته وعاد فوجدها ما زالت نائمة 
فاشتاق ان يسمع صوتها حنينه اليها فقط ما جعله يتجرأ ويناديها : اماه اماه لكنها لم ترد ابدا
--------------------------------------------------

 البحر الميت (قصة من زمن ما قبل الثورة وجب الاعتذار عليها الآن)


كان يشاهد قناة ناشيونال جيوجرافيك فرأى قطيعا بالآلاف من الجاموس الوحشي يذهب الي البحيرة ليشرب  
فهجم تمساح واحد من البحيرة على جاموسة منهم فانطلق باقي الجاموس هربا مذعورا
فتعجب المشاهد كيف للآلاف ان يخافوا تمساحا واحدا
لكن البرنامج التالي كان عن السياحة الاسرائيلية  في البحر الميت وجد دموعه تسيل على خديه قائلا لم تمت الجاموسة وحدها بل مات البحر ايضا

الأربعاء، 4 مايو 2011

ألسنا برجال ؟


امسك ربابته كمن يضم محبوبته بعشق وصار يغزل حكاية جديدة يقصها على مريديه
قال الراوي : كان البطل مغوارا جسورا كان كريما شهما وقورا  لا يخاف مواجهة الصعاب يتحدى الخوف ولا يهاب كان البطل رجلا كان ...
قاطعه مريدوه : كلما اتيناك صرت تقص لنا عن ابطال يوصفون بكل الصفات الشهامة والشجاعة والصدق والكرم والقوة وهذا من المستحيل ان يجتمع في شخص واحد كل تلك الصفات السنا برجال؟ ليس منا احد كما تصف
الراوي : حسنا انتم تريدون الحقيقة  ونحن معشر الرواة نبيع الاوهام والخدع ونغزل من الخيال قصصا وهمية لابطال اسطوريين نخدعكم بمعسول الكلام وانتم تستمتعون بخداعكم هكذا منذ قديم الزمن خدعت شهرزاد شهريار  امدا بعيدا وكان مستمتعا لكنكم الآن تتمردون على الخداع حسنا سأقص عليكم قصة تعرفونها ولكن ساقص الحقيقة حينما يكون البطل منكم مجرد بشري
حين اضاء السندباد قنديل سفينته ليحصي من تبقى من اصدقائه لم يجد احدا
اين ذهبوا؟ نسيت يا سندباد اين هم؟
الم يكن ذلك صديقك الذي كنت تتابعه والغول يأكله حين تركك لنحولك بينما اخذ صديقك لأنه سمين فكان صديقك عشائه
الم تتابع ذلك بملىء عينيك  وانت فرح سعيد بأنك نجوت دون حتى تدمع عينيك
نسيت يا سندباد
اصدقائك في مواجهتهم للرخ وهو يعصف بهم بينما انت تتشبث باقدامه ليطير بك بعيدا عن وادي الحيات فمن لم يقتله الرخ  من اصدقائك قتلته الحيات
نسيت يا سندباد مواجهتهم لحيتان ووحوش البحر يقفون يحمون سفينتك بصدورهم العارية بكل بسالة كي تبقى السفينة وتبقى انت

هكذا الحياة تعصف الافيال والخيول بالبيادق كي يبقى الملك آمنا في مخبأه جبانا لا يقوى على الخروج لملاقاة الموت تاركا بيادقه تعصف ثم الآن تسال اين اصدقائك
حينما اضاء السندباد قنديل سفينته ليحصي اصدقائه لم يدري انه يضيء نور ما تبقى من قلبه ليشعر باصدقائه لاول مرة
حين وصلت سفينته لارض الوطن عائدا حاملا المجد على كتفيه رافعا رأسه عاليا هكذا تخيلوا وصوله الا انهم وجدوه منكس الرأس دامع العينين
هتف المنادي اذهبوا للسندباد انه يقف  وحيدا عند البحر لقد عاد السندباد حاملا المجد
لماذا وحيدا ؟ لقد كانت سفينته محملة بالمئات  اين ذهبوا؟ لا يهم الاهم انه قد عاد من رحلة الاهوال التي قاتل فيها الغيلان والحيتان والرخ والجن
عاد معانقا المجد وذلك الاهم
حين هرول الناس اليه وجدوه حزينا منكس الراس صامتا قالوا ان الاميرة تنتظرك والمجد يمد يده اليك ليعانقك فالمجد لك 
القصر من هذا الطريق فلماذا تعود للبحر
قال السندباد : سلم المجد كانت درجاته جثث اكثر الناس شجاعة  فكيف يطأ على جثثهم اكثر الناس جبنا لقد ضحوا بحياتهم لا لشيء الا من اجل ان ابقى  لقد ضحوا بأنفسهم آملين بأن تضحيتهم بانفسهم لهدف اسمى من الحياة فهل تستحق حياتي كل تلك الحيوات ؟ وهل استحق ان اخلد وحدي في ذاكرة التاريخ بينما هم يرضخون في بطون الغيلان كلا لن يكون المجد الا لهم
كلا والله لن اصعد الى المجد وحدي سأعود ابحث عن وطني المفقود بين قلوب ضحت لتكتب لي الوجود
صعد الى سفينته واضاء قنديلها وقرر انه لن يطفىء ذلك القنديل ابدا حتى يظل اصدقائه ورجاله دوما في عينيه وقلبه حتى يأخذ بثأرهم من الغيلان والحيتان والرخ التي هرب منها ليتركهم يقتلون احبائه
دمعت عيون الحاضرين وهم يتذكرون دماء شهداء ثوارهم الابرار وهي تضيع بعد ان دهمتها الحيتان والغيلان والرخ ليكتب المجد لمن بقي على دماء الشهداء صاروا يبكون وهم يتذكرون ان القضاء لم يستطع اثبات التهم على من قتلهم صاروا يبكون وهم يشعرون بالعجز والخزي والعار حينها فقط عرفوا اجابة سؤالهم  السنا برجال ؟ نعم لسنا برجال 

الاثنين، 2 مايو 2011

تاجر القلوب


الحياة في منتهى الغرابة لا أحد يرضى بحاله والكل يطمع في حياة الآخرين الكل يعذب نفسه داخل هواجسه الخاصة ولا يعلم ان حياته ربما كانت هي السعادة المرجوة لانسان آخر حتى ان هناك اثنين كل منهما يأمل في حياة الثاني
وما يدهش اكثر , القلوب التي تتوجع لأهون الاسباب هذا ما جعل عقله يستنفر لصنع ذلك الجهاز الغريب
جهاز يستطيع ان يضبط مشاعر القلب يمكنك به ان تضع نسب معينة من الحب والكراهية والغضب والاشتياق واللهفة والخوف والالم والحزن وغيرها من المشاعر بتلك النسب المعينة في قلبك حتى تحيا حياة سعيدة
هذا ما صنعه وما يتاجر فيه ويا لها من تجارة رابحة فكل الناس في حاجة لهذا الجهاز الزوجة التي لا تستطيع الصبر على صمت زوجها المقيت , والزوج الذي لم يعد يستطيع تحمل مشقات الحياة , والعاشقة التي هجرها حبيبها واليوم سيتزوج ,والعاشق التي رفضه اهل حبيبته والطالب الذي لا يتحمل الفشل و غيره وغيره وغيره
وكل تلك الحالات لديه علاجها وعلى اكمل وجه بلمسات سحرية من جهازه تصبح القلوب مبرمجة  يضع بداخلها تلك النسب من المشاعر كل المشاعر قابلة للبرمجة عنده الا الايمان فهو الشيء الوحيد الذي لا يستطيع برمجته لم يكن يعلم ان الايمان اقوى من جهازه 
الحياة بقلب مبرمج وحياة معدنية اصبحت هي مطلب الجميع ان تصبح مجرد رقم آخر في حياة رقمية هو السعادة في وجهة نظرهم يا لها من بلاهة هكذا حدث نفسه وهو يضم صورتها ذات الشريط الاسود الى قلبه يلثمها ويقبلها  ويحدثها
اين ذهبتِ وتركتيني لقد زرعت لك بساتين الاشواق بداخلي رويتها بخضاب دمي فنما بها الصبار لا لكي يعلمني الصبر على فراقك بل لكي يجرحني ويقتلني في اليوم آلاف المرات لقد صنعت هذا الجهاز كي اضع نهاية لعذابي واصنع قلبا ينساكِ لكنني لم اجرؤ ان افعل ذلك فحبك لا يحوي قلبي فقط بل يحوي كل كياني فالحب كالسرطان ينتقل من القلب وينتشر في سائر الجسد وحالتي متقدمة ولا ينفع فيها علاج دموعي لا تكفي كي تبث اليكِ شوقي وقلبي المتلهف عاجز ان تتلاحق نبضاته مع المه فارحميني واعتزليني او خذيني معك
لم يقطع خواطره الا دخول احد العملاء لمتجره كان يطلب طلبا غريبا قال لتاجر القلوب انه يشعر باشتياق قوي لزيارة بيت الله الحرام ومدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم وان هذا الاشتياق يتملك  قلبه وروحه ولكنه فقير لا يتحمل تلك المبالغ ليحقق حلمه , فهم التاجر انه يريد نزع تلك اللهفة من قلبه لكن العميل قال انه بالعكس لا يريد نزع تلك اللهفة والشوق بل يريد ان تزيد حتى يتعلق بذلك الحلم في منامه كما هو متعلق به في يقظانه فيتحقق الحلم ويبيت ليله في تلك الاراضي الطاهرة ويزور في منامه ما لا يستطيع زيارته في يقظته
طلب غريب لم يتعود عليه التاجر بدأ يقوم باجراءاته وفحص القلب فلم يستطع ان يتحمل النور الذي يشع منه
نور الايمان اقوى من مقدرة العيون على استيعابه اغمض عينيه وهتف بالعميل ان حالته تستعصي على  جهازه وليس لديه علاجا لها
جرى التاجر بعيدا يلتقط انفاسه فالنور الذي رآه لم ولن يرى مثله وان جهازه العقيم يقف عاجزا عن تحمل كل ذلك الايمان
نعم هو بحاجة لذلك الايمان كي يستطيع مقاومة ذكرياته القاتلة وكي يبعث في جسده مقاومة سرطان الحب اخرج المصحف وفتحه فقرأ تلك الآية (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

كم حجرا صنعت وكم قلبا قتلت وكم نفسا ازهقت
صار يبكي ويبكي دموعه تغرق وجهه
امسك بصورتها والقاها في اتجاه جهازه بكل قوة ثم قام بتهشيم الجهاز صارخا  لقد انتزعت منها الماء لقد انتزعت منها الماء
انا السفاح القاتل انا السفاح القاتل
حمل كل امواله وجرى في اتجاه النهر ورماها
صار كالمجذوب المجنون يهيم بين الدروب  يصرخ كل ليلة بأنه القاتل الذي نزع عنها الماء
في حين لا يفهم الناس ماذا يقصد ومنذ متى يفهم الناس ومنذ متى يهتم الناس 
ومنذ متى يعرفون ان الحياة لا تحلو بغير ماء
هذا كان حاله اما عملائه فظلوا كما هم مجرد روبوتات يحملون بداخلهم قلوبا معدنية تدق بحساب تحب بحساب وتكره بحساب تتلهف بحساب وتغضب بحساب وتخاف بحساب  لا تعرف معنى السعادة فالسعادة هي الكمال اما قلوبهم فمحدودة المشاعر

خارج الاطار : سألت يوما احد مشايخ الازهر الاجلاء حين كان في زيارة لمدينتي:  متى تقسو القلوب ؟ وما علاج تلك القسوة ؟ اجابني : تقسو القلوب حين تبعد عن الله وعلاجها هو الرجوع الى الله