الجمعة، 20 يونيو 2014

صرخة




كنت أود أن أعلمك شيئا جديدا وأنقل إليك خبراتي لكن يبدو أن ذلك لن يحدث أبدا 
لن تفهم ما أقصد إلا حين أخبرك ما فعلت ...
قررت أن أقوم بحرفة جديدة ، أشتريت مكواة ضخمة نعم من ذلك النوع الذي له ذراع طويلة تضعه بين أصابع قدميك ، أشعلت النار أسفلها حتى صار سطحها جمرا أحمر ..
ثم اقتلعت قلبي من صدري رججته قليلا .. بداخله شيء ما يصدر صوتا أشبه بصرخة أو صرخة اشبه بصوت .. أيهما كان الأصل الصرخة أم الصوت ؟
اننا حين نولد نُسمع قبل أن نُرى ... نصرخ قبل أن نوجد 
الصرخة أصل الحياة 
ومع صراخ قلبي لم أفزع بل وضعته فوق المنضدة بينما أصابع اقدامي على ذراع المكواة تدهس القلب بحرارة لا تنتهي حتى تقتل الصرخة بداخله 
قمت بكيه دهسته بقوة حتى أعدت تشكيله من جديد ما إن انتهيت حتى نظرت إليه كان أشبه بقطعة عجين لا تعني شيئا ولا يفهم منها  قمت بفرده أكثر بيدي كأنه فطيرة ثم نثرت السكر عليه وأكثرت وأكثرت حتى صار يكره السكر 
فألقيته في الآتون التي رفعت حرارتها حتى صارت كأنها بركان  
الآن ستموت الصرخة  ...الآن ستموت الصرخة 
بابتسامة متشفية وقفت قليلا انتظر قلبي على هيئته الجديدة وبعد أن امتلأ المكان بالدخان أخرجته .. الآن تطايرت الصرخة مع خيوط الدخان 
بمظهره الأسود المحترق الجديد أمسكته قلبته بين يدي بارتباك ثم رججته وارتعت فقد صارت الصرخة أقوى بل اقتلعتني وألقتني بجوار النار يحترق ما تبقى مني من حياة وبيما ألفظ أنفاسي لا يردد لساني سوى ثلاث كلمات
اي لعنة أنت 
أي لعنة أنت 

السبت، 7 يونيو 2014

عن السفر




ضع كل أغراضك في تلك الحقيبة ولا تنسى؟
لا تنسى ابتسامات باهتة تخبىء صبارا ذابلا ، ضحكات متقطعة تفوح منها رائحة الألم ،وأوتاد خشبية مغروسة بإتقان في ظهرك لتخرج بقلبك من الجهة الأخرى 
لا تنسى شيئا ، ضلوعا متهاوية تحت ضربات قلب لا ترحم ، جمرات ملتهبة كانت من قبل عينان صافيتان ، أيادي متهامدة لا تقوى على الإمساك بقلم 
ولماذا القلم ؟ ولم يعد هناك شيء يكتب 
احمل أغراضك واصبعها بصبغة الصمت الذي لا لون له ، فكل لون حولك هو أحمر 
الغضب أحمر 
الجمر أحمر
الخريف أحمر 
الدم أحمر  
رداؤها يوم الوداع كان أحمر
وشفاهها حمراء

كرهت الأحمر وغضبت مني وصمتت 
لماذا تصر الذكرى أن تراوغنا وتندس بين أغراضنا دون ان ندري وأنا حالفت النسيان حالفته على أن ينسى كل شيء حتى أني (نسيت) أن أنساها

وفي غمرة الذكرى لم تحمل هي أغراضها حين رحلت تركت لي كل شيء 
كلماتها 
تنهداتها 
تلهفها عليّ 
تصنعها كل ذلك 
حين وقفت بالأمس بعوضة على إصبعي تغرس نابها فيه وتمتص دمائي أحسست بالشفقة عليها تابعتها  وهي ترحل بعيدا تحمل معها بعض الأسى 
كل الحياة تغادرني 
وأنا الذي أحزم حقائبي ولا أنسى أن ألقي نظرة أخيرة في المرآة لأتأكد أن الأحمر مازال يغرقني في صمت مطبق وأن الوحدة ليس سجنا إنما هو الحياة 
لماذا لم تكن وحيدا منذ البداية حتى تصبح أنت أنت 
أما الوحدة بعد الأنس يجعلك مجرد رماد خلفته نار حمراء

أرجوكِ إن أردتي الرحيل ثانية فلا تنسي أغراضك التي تغرس كل يوم بقلبي - كأنها إزميل - صورتك