الأحد، 2 يناير 2011

الراية السوداء



علي ذلك الشاطىء  الرائع جلس بعض الأطفال يلعبون ويبنون بيتا بل قصرأ من الرمال ويضعون فيه أحلامهم الجميلة وأمنياتهم السعيدة حين يكبرون صار القصر حلما وكأن الرمال تنبض بالحياة لتحول ذلك الحلم الي حقيقة كانوا يبنون قصرهم الرملي بكل حاسة من حواسهم وكان تركيزهم في تزيينه وتجميله حتي يظهر بأبهى الصور ويبقي خالدا مدى الدهر ومن فرط تركيزهم لم يستمعوا الي صراخ مراقب الشاطىء وهو يقول غريق غريق ولم يروا الراية السوداء وهي ترفرف في سماء الشاطىء
ومع هتاف المراقب بدأ كل الرجال والنساء الموجودين حول الشاطيء يجرون في اتجاه البحر ولم يلحظوا القصر الرملي فوطأوه باقدامهم فانهار القصر وانهارت معه أحلام الأطفال وتعبهم وهم ينظرون بحسرة الي احلامهم المنهارة وينظرون الي الرجال بألم ولسان حالهم يقول لماذا فعلتم هذا
الغريق ما زال يصارع الأمواج ويتشدق بالحياة  والرجال يقفون علي الشاطيء  ينظر كل منهم للآخر ينتظر  كل منهم الآخر لانقاذ الغريق الكل ينتظر من يكون البطل المغوار الذي سيخوض موج البحار ويحمل الغريق الي بر الأمان  الكل يفكر متي يأتي ولا أحد يتحرك لأنقاذه وتحولت لحظات الانتظار الي القاء اللوم علي الآخرين احدهم يقول لا استطيع ان انزل الي البحر لانني اشعر بشد عضلي فلتنزل انت  الآخر يقول الا ترى ذلك الموج العالي لا أجيد السباحة في ذلك الجو فلتنزل أنت 
 وهكذا القاء العبء علي الآخرين كان هو ما يحدث
وفي المقابل جلست النسوة علي الشاطيء يمصمصون الشفاة وكان حديثهم من نوعية كيف ينزل ذلك المتهور في الماء والموج بذلك القوة 
أما الأطفال قرروا ان يعيدوا بناء قصرهم من جديد ولكنهم سيكونون أشد حرصا هذه المرة قبل ان يطيح الكبار به مرة أخرى 
الغريق ما زال يقاوم الماء ما زال علي قيد الحياة  ومراقب الشاطيء ينادي الغريق انقذوا الغريق والراية السوداء ترفرف كأنها علامة الموت الأسود علي ذلك الشاطيء الرائع الذي فجأة صار كل ما به أسود الا بعض الأطفال الذين يصرون علي تشييد القصر
وفجأة هطلت الأمطار بغزارة واشتد المطر فنسي كل الناس  ذلك الغريق الذي مازال يصارع الامواج ربما ليس بنفس القوة ولكنه مازال علي قيد الحياة
الأمطار تشتد وتشتد فأصبح هم الناس الأساسي هو الأمطار وكيفية مواجهتها ونسوا أمر الغريق جروا جميعا الي مساكنهم هربا من الأمطار الشديدة  جروا ودخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم علي أنفسهم والغريب أنهم لم يشعروا بالذنب ولم تؤنبهم ضمائرهم علي انهم لم ينقذوا الغريق
وعلي الشاطيء كان ينظر مراقب الشاطيء في اتجاه الغريق وينادي في اللا أحد الموجود علي الشاطيء غريق أنقذوا الغريق غير مبال بأنه لا يوجد أحد لكنه فقط يقوم بعمله  وحينما انتهت مقاومة الغريق عرف المراقب انه قد مات فأنزل الراية السوداء بلا مبالاة  ونظر في اتجاه الشاطيء فوجد أطلال قصر من الرمال تتهاوى وتغرق من فرط المطر

17 التعليقات:

مصطفى سيف الدين يقول...

قبل ان تكتبوا تعليقاتكم في تلك القصة بالذات اردت ان اوضح لكم اني ما قصدته في تلك القصة هو رصد الواقع للبلد التي تغرق والكل ينظر اليها بشفقة ويتمني ان يمد لها يد العون دون تعب نبحث عمن ياتي من خلف الصفوف ليتقدم المسيرة لانقاذها كل يعزم علي الآخر والكل يفكر دون ان يريد ان يعمل من أجلها حتي الجيل الصاعد نحطم احلامهم بسلبيتنا دون ان ندري
بهذه القصة رصدت واقع البلد وانا أراها تغرق خصوصا بعدما حدث في الاسكندرية بالامس اتمني ان يخيب ظني وان نعود من جديد لننقذها

هبة فاروق يقول...

فكرة رائعة ان ترصد احوال البلد من خلال قصة
احنا كلنا بنغرق مصر فى حالة من فقدان التوازن
وقد يحدث فى اى وقت فتنة طائفية قد تؤدى الى موت الكثير نحن على شفا حفرة وكما قلت مصر تغرق ولا تجد من يمد اليد لانقاذها او بالاصح تقطع يد من يريد انقاذها
تحياتى لك يا اخى مصطفى موضوع مواكب للاحداث وفى الصميم

faroukfahmy يقول...

كل عام وانت طيب اولا ------- فى قصة الراية السوداءكأن لسان حالك يقول من لم يمت بالسيف مات بغيره يااخ سيف ، فالقصر الذى بناه الاطفال تهدم اولا من ارتطام الناس وهرسه تحت اقدامهم ولم تحرمه ثانبا الامطار من الحياه كان الكل اتفق على عدم وجوده ليصير الى فناء ، صدقنى يا سيف الموت فى حياتنا اصبح لايهزنا من كثرة مانسمعه فو فلسطين والعراق ولبنان واخيرافى الاسكندرية فى بلادنا فغريق هنا اوهناك لايهمنا لان الموت اصبح معتادا والحياة اصبحت هى الشاذه وشكرا

Unknown يقول...

تحياتي
أشكرك على القصه الجميله القريبه من واقعنا المؤلم و سعيده بزيارة مدونتك

مسلمة حرة يقول...

بسم اله والصلاة والسلام على رسول الله
أستاذى الفاضل
قصة واقعية جدا ومعبرة عن حالنا بكل قسوة
هذا للأسف هو حالنا ,, ولفرط ضعفنا وقلة حياءنا نلقى باللوم على الغريق ولا ننقذه .. البلد تغرق ونحن أيضا نغرق فى السلبية واللامبالاة .. ولو كل أحد إهتم بخاصة نفسة وأصلح من حاله وعلم أنه سوف يحاسب وحده فى يوم عصيب لفعل ما يلقنه حجته أما الله .. دايما أسمع حجة (كل الناس بتعمل كده ) وأنت مالك بكل الناس .. فى ناس تانية مش كده .. ليه بنقلد الغلط ونسيب الصح بحجة كل الناس >>> دايما أعلم بناتى لو كل الناس بقت غلط خليك أنت صح وعلى فكرة الصح نادر قوى وصعب قوى..
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعة وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه آمين
تحياتى

مصطفى سيف الدين يقول...

هبة فاروق
ربنا يستر الايام الجاية صعبة وان شاء الله مش هتوصل لفتنة طائفية الشعب المصري شعب طيب وعاقل و أتمني من العقلاء من الجانبين ان يفرضوا ضبط النفس علي الجانبين
شكرا لكي تعليقك الرائع دوما يزين كتاباتي

مصطفى سيف الدين يقول...

استاذ فاروق
بالنسبة للقصر فهو يمثل احلام جيل صاعد جيل مازال تملؤه البراءة والطموح في المرة الاولى اردت ان اقول ان ذلك الطموح قد تحطم حين رأوا سلبية الكبار ولا مبالاتهم ولكن ارادتهم لم تفتر فقرروا ان يحلموا مرة اخري لكن هذه المرة حطمت احلامهم ظروف خارجة عن الارادة وهي ظروف البلد من فساد وواسطة و جو عام خانق تقتل اي حلم ذلك ما قصدته بالقصر والمطر
تعليقك جميل جدا اخي فاروق لانه يناقش معي وذلك الشيء احبه وافضله لذلك تعليقك اسعدني علي وجه خاص

مصطفى سيف الدين يقول...

شيرين سامي

اهلا بكي في مدونتي قد ازدادت نورا بوجودك وقد زرت مدونتك وهي بالفعل في منتهي الروعة لا حرمنا الله ابداعك

مصطفى سيف الدين يقول...

انا حرة
السلبية واللامبالاة كالسرطان تنتشر في جسد الوطن كسرعة البرق ولا يوقفها شيء والعيب اننا بعيدين جدا عما تربينا عليه وبعيدين جدا عن تعاليم ديننا
ننسي دوما وصية نبينا بألا نكون امعة اذا احسن الناس نحسن واذا اساءوا نسيء
اننا نرى كل يوم البلد تغرق ولا احد يتقدم لانقاذها
وجودك زادني نورا تحياتي لكي

Tears يقول...

معاك حق هى فعلا بتغرق و لازم يكون فيه رئيس بيحب مصر يقدر يقود و يتخذ قرارات حاسمة لكن للاسف احنا مفتقدين ده و مفقتقدين اكتر رجالة بجد تنزل تغيير الوضع ده

السمكة تفسد من رأسها

مصطفى سيف الدين يقول...

شكرا تيرز
منورة مدونتي والحمد لله انك متفقة معايا في الراي ده

;كارولين فاروق يقول...

مصطفي عجبتني
القصه جدا واعتبارها
انعكاس علي مايحصل كل يوم
من مبالاه وانانيه
ابدعت يا مصطفي

افروديت يقول...

فعلآ...بس هي غرقت خلاص

مصطفى سيف الدين يقول...

كارولين
انا سعدت بتواجدك هنا وسعدت اكتر ان القصة عجبتك
اما عن اللامبالاة والسلبية فحدثي ولا حرج شكرا ليكي

مصطفى سيف الدين يقول...

افروديت
اولا سعدت بتعليقك وتواجدك في مدونتي
ثانيا بالرغم انها غرقت بس يمكن نلحقها علي اخر نفس انا برضه عندي شوية امل ولكن امل ضعيف

ولاء يقول...

السلام عليكم
جسدت الفكرة على شكل قصة جميلة ...وكم تكرر هذه القصة ..
فنحن حتى في حياتنا العادية نرى كثير من الناس تغرق ولا نمد لها يد المساعدة ..ونقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ..ونصفق اليدين آسفين وحسب .
أعجبتني القصة كثيرة ..دمت بألق .

مصطفى سيف الدين يقول...

اختي ولاء
بالفعل السلبية تملأ حياتنا اليومية وسلبيتنا بالنسبة للبلد هي انعكاس لسلبيتنا في كل المواقف الاجتماعية والعامة
شكرا اختي العزيزة لتعليقك الذي يجمل قصتي