الثلاثاء، 4 يناير 2011

الباشا والمدير (1)




في يوم شديد الحرارة في  اواخر الاربعينات وفي قرية من  قرى مصر كان في فلاح شغال بيعزق في الارض وبيشتغل من غير ملل وتركيزه كله ازاي يعمل من الارض دي جنة فرحته كانت بتكبر لما يشوف الزرع الاخضر اللي هو تعب فيه ومقطعش تركيزه غير صوت بينادي ويقول : يا ابو سويلم يا ابو سويلم سيب اللي في يدك الباشا عايزك
ابو سويلم : ماقلكش عاوز ايه؟
الخادم : مخابرش برضه الباشا هيقولي  عاوز ايه منك
ابوسويلم : خلاص رايحله بس بعد ما اخلص
الخادم : هو قالي تجيبه في يدك يا واد يا مطاوع
ابو سويلم : الباشا بتاعك  يستني لكن الارض متستناش لازم اخلص عزيق قبل الدنيا ما تليل
الخادم : انت شكلك اتجنيت وانا مالي اللهم بلغت اللهم فاشهد انت حر
وصمم ابو سويلم مايسيبش الارض غير لما يخلص شغل وبعد كام ساعة بعد ما خلص اللي وراه راح للباشا اللي كان في اشد الغضب وكان هيتجنن من الولد اللي اسمه ابو سويلم اللي كسر كلام الباشا واتاخر عليه
الباشا : انت يا فالد مش انا بعتتلك من الضهرية جاية بعد بعد المغرب
ابو سويلم : يا سعادة الباشا  كان الشغل كتير في الغيط ومكنش ينفع اسيبه
الباشا : مش انتي اللي تحددي ايه اللي تسيبيه وايه اللي متسيبيهوش انتي شغالة هنا بأمري انا
ابو سويلم : يا باشا الارض ارضك والطين طينك يعني اتاخرت عنك علشانك وعلشان مصلحتك
الباشا : مش انتي اللي تقولي مصلحتك انتي مش تعرفيها اكتر مني
ابو سويلم : يا سعادة الباشا اللي انت طالبني علشانه ممكن يستني بس الليل مش هيستني ومش هاعرف اخلص شغل في الارض
الباشا : انتي كسرتي اوامري واتاخرتي عليا لازم يكون في عقاب شديد ليكي يا فالد
عبده انتي فالد عبده
عبده : اوامرك يا باشا
الباشا : خدي فالد ابوسويلم واربطيه في نخلة واجلديه 30 جلدة علشان يعرف ان طلباتي تتنفذ  في نفس الدقيقة
عبده ينظر لابوسويلم نظرة شفقة وقال : اوامرك يا باشا
و هو طالع من السراية وماسك ابو سويلم  من قفاه الباشا ناداه تاني
الباشا : استني فالد عبده ابعت لمراته وابنه وخليهم يشوفوه وهي مربوطة بتتجلد كلبة دي
ابو سويلم بنظرة ذعر : بلاش يا باشا علشان خاطري الا سويلم ده عيل متخليهوش يشوفني
الباشا : اسكتي كلبة
وفي اليوم المعلوم ربط عبده ابو سويلم في النخلة قدام ابنه سويلم ومراته
ابو سويلم : يا سويلم  عايزك تبقي خابر كويس ان ابوك مغلطش ابوك بيتحاسب وبيتعذب علشان الارض دي اللي هيتربط في نخلة من نخيلها الارض دي خدت مني كتير ياض واكيد كل اللي اخدته مني هتديهولي علشان الارض عمرها ما كانت بخيلة عايزك تبقي خابر ده مليح ولما ياجي عبده يضربني بالكرباج ابقي غمض عنيك علشان متشوفش ابوك وهو بيتعذب
سويلم بكي بحرقة وقال لابوه بصوت مخنوق  حاضر يابوي
الباشا لعبده : انتي زفتة عبده خلصي واضربيه
عبده مسك الكرباج وبكل قوته نزل الكرباج علي جسم ابو سويلم فصرخ ابو سويلم صرخة قلعت قلب سويلم اللي شاف ابوه والكرباج معلم علي ضهره جري علي عبده يحاول يوقفه عبده زاحه وقع سويلم علي الارض وهو بيبكي
ابو سويلم بكل الم وتنهيد : متخافش يا سويلم انا كويس مفييشي حاجة واصل غمض انت عينك وانتي يا ام سويلم خدي سويلم في حضنك علشان ميشوفنيش
عبده ينزل بالكرباج مرة تانية وتالتة ورابعة وفي كل مرة يحاول ابو سويلم يكتم الالم جواه لكن بتطلع الصرخة غصب عنه في مشهد تدمع فيه اي عين  لكن عين الباشا كانت من أزاز
خلصوا التلاتين جلدة بعد معاناة كبيرة من عيلة سويلم المرأة اللي شايفة جوزها بيتبهدل وبيتذل قدامها والابن اللي امه بتحاول تاخده في حضنها علشان ميشوفش ابوه لكن مع ذلك بيسمع صراخه والاب اللي مش قادر يكتم الالم
لكن سادية الباشا مكنش ليها حدود  نادي الباشا عبده وقال : فالد عبده  انتي ضربتي ابو سويلم دي علي ضهره بس مفيش عذاب طال بطنه هو اتاخر عليا علشان ارض دي انا هاخلي ارض دي تعذبه كمان  انتي فالد ابو سويلم ازحفي علي ارض دي خللي طينها تبقي حنينة عليكي وريني
نظرة ذعر في وجوه عيلة سويلم وابو سويلم اللي بين الحياة والموت بعد تلاتين جلدة هيزحف علي الطين الناشف علي بطنه وضهره مش قادر يعدله بس دي اوامر الباشا
زحف ابو سويلم علي الارض  وكلمته بترن في  ودان ابنه  الارض مش بخيلة  واخدت مني كتير
ابو سويلم بيزحف والالم والدم  مش هو اللي مضايقه اللي مضايقه اكتر الذل
الذل اللي مراته وابنه بيشوفوه وهو بيتذل عذابه اكبر من اي الم
نظرات الاستمتاع في عيون الباشا لحد ما زهق  وبعد ما خلص اليوم العصيب ده في حياة سويلم وابوه انتهي وابوه بين الحياة والموت مش قادر حتي ينام علي ضهره ولا بطنه منتهي العذاب والذل
بس فضل علي يقين ان الارض مش بخيلة الارض اللي شربت من عرقه وجهده وبعدين ارتوت من دمه اكيد مش هتبخل عليه
وبعد مرور بعض السنين مش كتير اوي قضاها ابو سويلم في ذل الباشا
قامت ثورة يوليو و قضت علي لقب الباشا و اتساوت الروس  و جه قانون الاصلاح الزراعي اللي خصص خمس فدادين لابو سويلم يزرعهم بقي فلفل وشطيطة ولا يزرعهم حتي بطيخ هو حر محدش يقدر يقوله تلت التلاتة كام هو صاحب الارض
ابو سويلم قعد علي ارضه ومسك شوية طين في ايده وقال : انا كنت خابر زين انك مش بخيلة وكنت خابر ان كل اللي حصل ده فيه خير ليا مفيش حد بينظلم وحقه بيضيع ربنا كبير 
اما بقي الباشا آخر خبر عنه انه في اليونان مقدرش يقعد في البلد لأنه اكيد كل اللي عذبهم وبهدلهم مش هيسيبوه خصوصا بعد ما اتساوت الروس


ماتمشوش للقصة بقيــــــــة
وكلامنا منتهاش استنوا الجزء التاني

14 التعليقات:

سواح في ملك اللــــــــــــــــــه- يقول...

قصة جميلة ومعبرة عن عجلة تدور ولاتتوقف
فلاجديد تحت الشمس
هكذا اراها
ابو سويلم في كل الازمان
والباشا في كل العصور
تحيتي لتلميحاتك الموضوعية

;كارولين فاروق يقول...

الله الله
جميله يا مصطفي
وتذكرني بفيلم الارض
وعبد الناصر الذي رد
كرامه الفلاح
قد ايه كان عهد جميل
ولكن هناك ملحوظه انك قدرت
تصور المشهد بمنتهي البراعه
بطريقه تصاعديه وهذا ليس جديد
علي كاتب مثلك يدرك ما يكتبه
تحياتي

هبة فاروق يقول...

ستظل الارض ملك لشعبها وابنائها وسوف ينتهى عهد الظلم قريبا وسيعود الحق لاصحابة وينتهى عهد الحاكم الظالم
انا ارى ان هذة القصة هى حالة اسقاط لما يحدث الان
قصة جميلة يا مصطفى فسويلم هو صوت الشعب ونبضة والباشا هو حكامنا الظالمين
تحياتى لك يا مصطفى

شهر زاد يقول...

مصطفى
انت رجعتني لايام عمر الشريف وافلامو وخصوصا الفلم الي اتهم في ابوه
ياه انت قوي في سردك دا بصقل التفاصيل قوي وتخليها حقيقية
تسلم
تحياتي

مسلمة حرة يقول...

تفتكر حقيقى الرؤس إتساوت؟؟؟
عمرها ما ح تتساوى لا فى عهد الباشا ولا فى عهد غيره
ديه سنة الله فى الأرض
(ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعض سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون)الزخرف 32
ديه سنة من سسن الله .. لكن المهم إن اللى ربنا رفعه وسخر له أخوه ليخدمه وسخره هو أيضا لخدمة آخرين .. المهم اللى فوق (بفضل الله تعالى وليس شطاره منه)
اللى فوق يرحم اللى تحت ويعطف عليه ويعدل معاه
هو ده ميزان الفروق بين البشر
جميلة جدا وتسلم إيديك

مصطفى سيف الدين يقول...

سواح في ملك الله
فعلا الشخصيات دي موجودة في كل العصور وكل الاوقات
منور قصتي بتعليقك الجميل

مصطفى سيف الدين يقول...

كارولين فاروق
فترة عبد الناصر بالرغم ان هناك العديد والعديد فيها من السلبيات والتحفظات علي الكثير منها الا انها فترة مهمة ويكفي انها اعادت كرامة الفلاح المصري كما قلتي وشكرا لكي كلامك اكثر مما استحق
نورتي قصتي بتعليقك الرائع

مصطفى سيف الدين يقول...

هبة فاروق
نعم كل حاكم ظالم هو مثل ذلك الباشاوكل مواطن بسيط ينقهر من ظروف الفساد المحيطة به هو ابو سويلم ولكن اصبري فالقصة لم تنته لا تتعجلي الاحداث

مصطفى سيف الدين يقول...

شهرزاد
ايوة فاكر الفيلم صراع في الوادي ولكن القصة تختلف تماما الحمد لله ان القصة قد اعجبتك ونورتي القصةوالمدونة

مصطفى سيف الدين يقول...

انا حرة
طبعا الروس متساوتش بس اصبري القصة مخلصتش
ولو حصل اللي بتقولي عليه ان اللي فوق يخدم واللي تحت يحترم كنا عشنا في جنة بس احنا مش في جنة احنا لسه علي الارض
نورتيني اختي العزيزة

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

السلام عليكم ورحمة الله

سرد رشيق وقصة جميلة وانا ان شاء الله متابعة لك اخى الكريم

اما بقى الرءوس تساوت ام لا
اعتقد اننا اصبحنا فى زمن اسوء من زمن الباشا
يمكن زمان كانت الناس مجبرة تقول للباشا ياباشا لان هذا اللقب كان موجود بالفعل شكلا وموضوعا
اما الان فالناس ألفت الذل والهوان والاستسلام لبشاوات هذها الزمان

اسال الله الرحمة والفرج القريب

متابعة ان شاء الله

تحياتى لك وتقديرى

سندباد يقول...

اسلوبك جميل جدا في السرد
ومن وجهة نظري ما زلنا في زمن البيه والباشا والمدير حتي الان مع اختلاف الطريق
تحياتي ياصديقي

مصطفى سيف الدين يقول...

ام هريرة
معاكي الرؤوس متساوتش ومش هتتساوي بس اصبري علي باقي القصة وكويس خليكي متابعة
نورتيني بتعليقك الرائع

مصطفى سيف الدين يقول...

السندباد
نعم اننا نعيش ونحيا نفس الزمن مع اختلاف المسميات
شكرا لك اخي العزيز