السبت، 7 يوليو 2012

تدثير الأحلام (معطف من قيود 44)



- الحياة تنتهي حين تتحقق الأحلام
قالها بثقة بالغة كأنها قاعدة مسلم بأمرها في حين كنت ارتشف عصير البرتقال  قبل ان يستوقفني ما يقول و يربكني فتعالت من عيني نظرة متسائلة
- كيف يكون ذلك؟
نظر حوله يبحث عن شيء ما يعينه على اثبات نظريته حتى رآه ملقى على أحد المقاعد , كان معطفا أنيقا بحق , قام فجلبه و عاد لمقعده قبل أن يقلبه بين اصابعه حتى وجد تلك اللافتة بداخله مكتوب عليها ( made in italy )
-انظري لقد تم صنعه بايطاليا , بالتأكيد هناك في ذلك المصنع عاملة أعطته من عرقها و روحها و تمنت يوما أن يصير لها  لكن لفرائه الغزير الثمين صار حلما بعيد المنال ستسعى دائما لتحقيقه, و لكن حين تحققه ستصبح كصاحبة ذلك المعطف الذي نسيته ملقى هنا دون اكتراث   , فحلمها تحقق حين ارتدته و بذلك ماتت الحياة في المعطف
نظرت إليه بتعجب أحاول فهم تلك النظرية الغريبة  الحلم يحمل بداخله الحياة حتى ان تحقق مات بالحياة , نظرية صعبة لا تخرج إلا من عقل كعقله هو  , نعم هو (جلال)  معلم التنس بالنادي  , كان بارعا بحق في اللعبة رغم انه لم يشترك في أي بطولة من قبل رغم ذلك كان يبدي دوما أنه يريد أن يصبح بطلا للجمهورية  , تناقض غريب , ربما ان سعى و اشترك في احدى البطولات لربحها فهو بحق يملك القدرة على أن يصبح بطلا فضرباته متقنة و يجيد إرهاق منافسيه , لكنني الآن فهمت لماذا لم يشترك في أي بطولة
- عذرا أستاذي لكن الأحلام هي من تدفعنا للحياة
- بالطبع صدقتِ يا عزيزتي , لكن يجب أن يظل الحلم حلما لن يتحقق , فمثلا هل تحلمين  بارتداء ذلك المعطف ؟
- نعم  يبدو أنه معطف لطيف
- حسنا يمكنك ارتداؤه

وضعت المضرب على الطاولة و أخذت المعطف ارتديته فوق زيي الرياضي حيث تنورتي القصيرة و جلست مرة اخرى بجواره
- كيف تشعرين؟
- أشعر أنني ملكة , معطف وثير له فراء غزير  كأن شيئ يحميك , و ثقتك بالنفس تزداد حين تعرف أن شيئا ثمينا كهذا يغطيك
- هذا ما يحدث حين يتحقق الحلم ذلك الشعور بالروعة و السعادة التي ما تلبث أن تتطاير , لا أنكر أنني قد حلمت بكِ أحببتك و أنتِ تركضين أمامي  بساقيكِ الرشيقتين لتصدين كراتي كغزال يعدو في الصحراء الرحبة حرا طليقا  , أعشق طريقة مسكك للمضرب و صرخاتك و أنتِ توجهين ضرباتك كأنك تتأوهين بين ذراعي  و أنا اطبق عليكِ بشفاهي , لكن كان يجب عليّ دوما ان أستر أحلامي و أدثرها فأنا لن استسلم لحلم حين يتحقق ينزوي
هالتني تلك المفاجأة بالتأكيد  شعرت بالخجل الممزوج بالاهانة كم أنت مريض يا جلال
- أنت وقح
- الصدق دوما وقاحة , دثرت بالمعطف أحلامي حين طلبت منك ارتداؤه  و لم أعرف أنك ستزدادين تانقا به و تزداد أحلامي توهجا
- ربما دثرت الحلم لكنك عريت وجهك الحقيقي
قلتها بغضب ثم لم أجد في نفسي القدرة على أحتمال البقاء مع ذلك المريض الذي يبحث دوما عن تدثير أحلامه و قتلها , حي كميت فقط يوجه ضرباته باتقان للمنافس الذي يختار ,ربما يربح جولته لكنه يخسر حياته , شعرت بألم يملأ جسدي و أشواك تدميه, لا بد أنه ذلك الشيء الذي دثرني به , ذلك الشيء الذي أعطاني إياه حين اعتبرني (مانيكان) بلا حياة حينا يدثره و حينا يعريه , نسي أنني الحياة كما يجب أن تكون
خلعت المعطف و ألقيته على المقعد بقوة فأعود بزيي الرياضي و تنورتي القصيرة قبل أن  أقبض على المضرب برقة صارمة و أتعمد السير بدلال أمامه و أنا أرحل عنه كي ابحث عن معلم تنس جديد


11 التعليقات:

Hebatullah يقول...

وصفك الاخير في المدونة فكرني بواحد بحلم كل يوم اني مقبلهوش بجد بس للاسف بقابله

ابراهيم رزق يقول...

اخى مصطفى

لم يكن المعطف سوى كاشف لحلمه
اعرف الكثيرين من المدربين يحاولول ان يعيشوا احلامهم المؤجلة
لقد كشف عن حلمه بكل صدق و وقاحة
و هى لم تحتمل صراحته

المعطف وصل لمرحلة من الفراء الثمين المغطى بابداع حقيقى

تحياتى

سندباد يقول...

فلسفة من نوع خاص وطريقة جديدة لعرض الفكرة ياصديقي
بيفكرني باللي يتجوز ويعتبر ان الجواز ده نهاية المطاف وعمل اللي عليه سواء راجل او ست وان الدنيا خلصت كده ويبقي هاينتظر انه يموت
تحياتي لقلمك الرائع

Yasmeen يقول...

لا اخفي عليك مفاجئتي من ايمان " جلال " العميق بأن الحياة تنتهي حين تتحقق الأحلام لم تقنعني فلسفته ومحاولاته اليائسه لاثبات صحتها فالعاملة بالمصنع لن يتوقف حلمها عند حد الامساك بالقلم الذي ساهمت في صنعه وان كانت تحب وتعشق حقًا ما تعمل فإنها ستسعي لإمتلاك مصنع للأقلام لا ان تكون عاملة ، حتي وان تحقق لها هذا الحلم سيلد الحلم حلمًا أخر ولا سبيل لإقاف هذا التناسل الرائع للأحلام !!

نحن من نحي الحلم ونحن من نميته وصديقنا " جلال " قرر وبملأ إرادته ان يميته وأن يثبت لنفسه ان لا سبيل للحياة بعد تحقيق الحلم !!

أعجبتني القصة رغم اختلافي الشديد مع بطلها :))

تحياتي لقلمك الرااائع

Bent Men ElZman Da !! يقول...

الحياه تبدأ حين تتحقق الاحلام
ده بيتهيألى المعنى اللى لازم كلنا نفهمه عشان نقدر بجد نعيش حياتنا
والا هنكون بنموتها بأيدينا
حبيت طريقه عرض الفكره من خلال قصه المعطف

دمت مبدع :))

حنين محمد يقول...

صباح الغاردينيا أستاذ مصطفى
يبقى الحلم رائع وجميل طالما هو بعيد في أحيان كثيرة أخشى الحصول على أحلامي وأفقد لذتها ؟ هل يعني أن الوصول للحلم إنتهاء للحياة !
أعتقد مهما حققنا حلم ما سيبقى هناك حلم يولد من جديد "
؛؛
؛
دائماً مبدع
واليوم المعطف ثمين بإبداعك
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

Unknown يقول...

جزء مختلف جداً يا مصطفى و في منتهى الإبداع :)
هي كانت زي لعبة بين إديه بتستمع لفلسته و تلقائياً لبست المعطف عشانه..لكن المعطف هو اللي أظهر وجهه الأ×ر القبيح..فبدلال أنثى إختارت أن تعذبه بأحلامه و تجعلها أكثر إستحاله..

أبدعت و كنت موفق جداً

تحياتي صديقي العزيز

ظلالي البيضاء يقول...

ربما لا أجيد النقد ..
لكنني بكل تأكيد أجيد إلقاء التحية على أحبتي ..
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
وتحية طيبة مباركة لك أخي مصطفى ..
دمت بألف خير وسلامة ..

فلسفتك في رؤية الأمور مختلفة .. وإن كنت لا أتفق معك فيها أحياناً ..

richardCatheart يقول...

واااااااااااااااااااااااااااااااو



تحفففففففففففففففففففففففففة

رد فعل حببتة او تلمذتة او حلمة فى النهاية تحففففففففففففة هى دى الست

رؤيتك للمعطف كمدثر من قيود للحلم وعلى الحلم جمييييييلة يا درش


كدا انا عرفت انها قصص مش مسلسلة بس الفكرة والعنوان هى المشترك صح كدا ؟؟؟

بجد استمتعتتتتتتتتتتتتتتتت\

احلى صبااااااااااح يا درش :)

غُفرَانْ يقول...

أنا اتوافق معه ^^"
الحياة تفقد قيمتها دون أحلام لذلك نحنُ عندما نحقق حلم نسعى لآخر لتحقيقه
ستبقى الحياة مملة جداً إن خلت من الأحلام :")
مممم جميلة جداً احببتها لكَ حرف أنيق و مبدع
لروحكَ الراقية فيضٌ من نور
طبت

هبة فاروق يقول...

الله يا مصطفى توقفت عند بعض العبارات التى لمستنى بحق وابتسمت لابداعك الذى بهرنى
مش حقول غير ايه الجمال ده كله ماشاء الله
تسلم الايادى والافكار