الأحد، 24 يونيو 2012

طعم الذهب




فتح صرة نقوده التي يضع فيها قطعه الذهبية , فأخرج قطعة ثم قرضها بأسنانه لم يكن يريد أن يعرف إن كانت صالحة ام أنها مزيفة , بل قرضها فقط لأنه يعشق طعم الذهب .
ذهب إلى سوق الرقيق استوقفه تاجر يقف بين يدي حورية و كان يهتف في الجموع التي تركت ما دونه من السوق لتستمتع بتلك العيون الرومية
كان يقول التاجر :
من يشتري جارية تركية
كانت ملكة لعمورية
تحمل عبق زهرة جويرية
من قال أريدها ملك يمينيَّ ؟

وقف يراقب المزاد كان  كل من حوله يقترب من الفتاة يتشممها , كما تتشمم الذئاب فرائسها قبل أن تنقض عليها و تلتهمها, بينما قال أحدهم أشتريها بخمس قطع ذهبية
استوقفه البائع : أقول لك مليكة و تقول لي خمس قطع
سأل نفسه ماذا يفعل بملكة مدللة ؟ هل تستطيع أن تعد الثريد له؟ هل ستنظم بيته بل هل ستقتنع ملكة بالعبودية أم يظل بداخلها أنفة الملوك و كبريائهم
لكن شيئا ما في عينيها يحثه على الخوض في المزاد أخرج صرة نقوده و سكب القطع الذهبية على كفه ثم وضع إحداها بين سبابته  ابهامه و عض عليها و امتصها ليتذوق سحر الذهب و يقارن أيهما أكثر سحرا , تلك العيون التركية أم النقود الذهبية
و أخيرا قرر خوض المزاد و حين هم بالمزايدة  شعر بيد تهزه
---------------------
- حسن حسن اصحى يا حسن انت جاي تنام في الشغل؟
استيقظ ليجد نفسه على مكتبه و رأسه ملقاة على صحيفة , حاول أن يتذكر آخر ما قام به قبل نومه , نعم كان يقوم بعمله اليومي و هو قراءة الصحيفة في محل العمل و استوقفه خبر تلك الفنانة التي قامت ببيع أحد فساتينها في مزاد بمبلغ خرافي و قال لنفسه : بمال ذلك الفستان تستطيع شراء مائة رجل مثلي
لقد كان حلما آخر يراه يموت أمامه على يد توقظه
- انت ليه يا حسن متجوزتش لحد دلوقت؟
- قول يا باسط
- يا عم بس أنت أنوي
- كله بأمره
قالها حسن و هو يضع يده في جيبه يتحسس بضعة جنيهات معدنية كانت كل ما يحمله معه من نقود ,  ثم اخرج إحداها بإصبعيه و عض عليها بنواجذه , لم يكن ذلك لأنه يخشى ان تكون مزيفة و لم يكن ذلك لأنه يهوى مذاقها , فقط لأنها امتزجت بعرق أيدي البائسين فأراد أن يبتلع مرارة ذلك العرق حتى ان امتزجت بدمائه صار موت الأحلام أمرا طبيعيا ومستساغا  , و بينما هو بين هواجسه لمح في الصحيفة الملقاة على مكتبه خبر تساقط صخرة ضخمة من جبل المقطم هدمت العديد من المنازل و شردت الكثير من الأسر 
 فقال لصديقه :
- تفتكر لو باعوا الواحد مننا في مزاد يجيب كام ؟

23 التعليقات:

سندباد يقول...

تسلم ايدك يامصطفي قلت ما يمررنا جميعا وما يقتلنا جميعا وما يقسو علينا في واقعنا واحلامنا تري ما قيمتنا الان وما قيمة الاخرين في الاماكن الاخري
تحياتي ياصديقي لقلمك الرائع

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

لو هنا على المخلوق لن نهون على الخالق ابدا

ربما يبيع البشر بشر امثالهم بأبخس الاثمان واحيانا بلا ثمن لكن سيأتى يوم تدور الحياة دورتها وتقول الحقيقة كلمتها
والله يامصطفى لو كان احد اخبرنى من سنوات ان د. مرسى فى يوم من الايام سيكون رئيس بلادى او حتى يدخل باب الترشيخ كنت ضحكت من اعماق قلبى

وها هو على اعتاب كرسى الرئاسة ومن اعتقله فى يوم ما على اعتاب الخاتمة

نسأل الله تعالى ان يحسن خواتيم اعمالنا ويرزقنا الرضا بالحال وان نقول قولة الحق دائما ولانخشى فى الله لومة لائم

ويجعل الدنيا فى ايدينا لا قلوبنا
صدقنى اخى العزيز عرق الغلابة اجمل كثيرا من ذهب السلاطين لكن خلق الانسان عجولا



تحيااااااااااتى لك

كريمة سندي يقول...

والله جميلة جدا ورائعة وكلها عبر .. فلو قدر لنا أن نبيع أنفسنا فبكم سنثمن هل أصبح دماؤنا رخيصة أم مازلات غالية

Śђąžล ฬąђ٤єĐ ♥ يقول...

اختصار لواقع مرير نعيشه
فـ البعض ينهكه ثراؤه
والبعض لا يجد قوت يومه

موت الأحلام
سلمت يداك :)

رؤى عليوة يقول...

يا الله

كنت بقول هنام مبسوطه بس جيت هنا بقى

صحيح الواحد بقى بكام ؟؟

مؤلمة والواضح ان كل ما هو واقعى اصبح مؤلم


دمت بخير

Tamer Nabil Moussa يقول...

قصة جميلة يامصطفى وكلها عبر

تسلم ايدك

مع خالص تحياتى

حنين محمد يقول...

صباح الغاردينيا أستاذ مصطفى
للأسف واقعنا المرير أستباح الأحلام
وهدر دماء البشر
وقتل الأمنيات في مهدها
ولكن لازال في السماء رب
عالم بكل أحلامنا وأمنياتنا "
؛؛
؛
أبداعك لاينضب
حفظك الباري أين ماكنت "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
Reemaas

Carmen يقول...

حقيقة مؤلة جدا

:(

تحياتى لقلمك يادكتور

aya mohamed يقول...

واقعية مؤلمة :(

Bent Men ElZman Da !! يقول...

اختصرت واقع مؤلم فى حلم بسيط لكن واقعى
ابدعت :)

أحمد أحمد صالح يقول...

جميلة جدا القصة دكتور مصطفى وجميل مقارنة الحلم بالواقع فهذا يحب طعم الذهب في نقوده الذهبيه و ذاك يحب طعم الغلب و القهر في عملاته المعدنية،و هناك في سوق الرقيق من له ثمن و يستعر عليه المزاد و هنا في سوق واقعنا من لا يفكر أحد بشراءه و لو دفع له عليه فلوس !!
..تحياتي

دعاء يقول...

قصّة مؤلمة ،
تترك في الحلقِ غصة حتى بعد الانتهاء ن قراءتها ،

اللهمَّ يسِّر حالنا ،
و فرِّج كروبنا ..

دمتَ بخير ..

تحيآاتي لكْ ،

و أعتذر عن عم المتابعة الدائمة فحالتي سيئة مؤخرًا !

مروه زهران يقول...

جميلة ومؤلمة و معبرة جدا عن قسوة ومرارة الواقع

Unknown يقول...

انا عاجزه عن اني أرد جميلة ومعبره ومؤلمة ورائعه ومختلفه كل دول كده لخبطهم على بعض يطلعو تدوينتك^_^

زينة زيدان يقول...

مقارنة بين وقائع حياتية وأحلام واقعية
و رحلة من زمن لزمن ..فيها نفس العبودية و نفس التبخيس ببني البشر
من مليكة إلى أمة
ومن قطع ذهبية ..إلى جنيه
ومن مذاق ذهبي..إلى مذاق العرق
من سوق نخاسة إلى محل عمل
وثمن ملبوسة تقارن بسعر مئة رجل
تماما كمن انتقل السجن إلى كرسي المُلك..
ومن كرسي المُلك إلى السجن
....
بكل حالاتها وأزمانها
هي حياتنا
ولن تتغير إلا اذا غيرنا ما بما أنفسنا
وأفكارنا ثابته لا تتغير..!!

تحيتي لأسلوبك الرائع في الوصف
كل الود

rona ali يقول...

واقعيه جدااا
دائما لك فلسفتك الخاصه في نقل الواقع الينا

تحياتى :)

نيسآان يقول...

من زمن الجواري ...الى زمن العبيد
لم يتغير شيء,,,
و لا زالت الدنيا تجور على الاصيل فتضع له ثمنا وسعرا !!!

ابراهيم رزق يقول...

اخى العزيز

الفقير لا يملك الا الحلم

بعد قليل يتحولالحلم الى كابوس يفوق كوابيس حياته

تحياتنى لابداعك

وصف الاحساس يقول...

رائعه

Unknown يقول...

جميلة وواقعية للغاية ..
بسيطة .. عميقة في الوقت ذاته.. :)
حلوة .. بجد.

Lobna Ahmed Nour يقول...

ولا حاجة!
تحية لك وللتدوينة الجميلة

Menna يقول...

جميلة مؤلمة حقيقية
ديما اسال نفسي السؤال الاخير
هو احنا لو باعونا نسوى كام؟

عاشقة القمر يقول...

حلوة جدا ومكتوبة حلو اوي .. تسلم ايدك يا مصطفى