الأحد، 26 ديسمبر 2010

جريمة قتل الأموات


مازال هو يقرأ الصحيفة واخته المطلقة وزوجته معا يجهزون كرة من الخيط 
الصمت يطبق علي المكان تشعر حين تراهم  انك امام اسرة انجليزية في القرن التاسع عشر ولا تستغرب اذا خاطب هو اخته بقوله كيف حالك اليوم ايتها الكونتيسة  ولكن ذلك لم يحدث فالجو الانجليزي البارد يخيم علي المكانولا يقطعه الا صوت تقلب صفحات الجريدة
كان يقرا ان هناك صخرة اخرى وقعت من المقطم وان هناك قطارين تحطما واندلعت فيهما النيران هكذا كل يوم نفس الاخبار وبالرغم من ذلك يتابع الصحيفة بلا ملل
طرقات علي باب الفيلا تقطع جدار الصمت ولكن لم يبالي هو او افراد اسرته بالاجابة علي تلك الطرقات فقط كل يتابع ما يفعله بصمت تعودوا ان يعيشوا بلا زائر او فضولي فقط هي حياتهم داخل تلك الفيلا حياة بلا روحمنغلقين علي انفسهم اكتشفوا انهم اذا سمحوا لغريب دخول الفيلا فان ذلك سيكسر روتين حياتهم التي تعودوا عليها ومن شأنه ان يشعرهم هذا بالألم فقرروا الا يفتحوا لانسان
الطرقات تزداد ويقابلها صمت اقوى
وفي الخارج الذي كان يطرق الباب يقول لصاحبه : يبدو انه كما اخبرتك لا يوجد احد في تلك الفيلا فأنا اراقبها من فترة  ولا يدخل او يخرج منها انسان
صاحبه: كيف تطرق الباب اذا كنت آت كي تسرقهم
اللص : كي لا يكون عندي اي نسبة شك في ان احد موجود بالداخل واذا فتح لي احد فسوف اسأله عن اقرب مكان للحصول علي بنزين وسأخبره انني غريب عن المكان ولكن لحسن الحظ لا يوجد احد بالداخل هيا بنا نقتحم المكان

وقام اللصوص بمعالجة اقفال الفيلا واختراق الباب ولم تلاحظ الاسرة ما يفعله اللصوص  كل كان مستغرق فيما يفعله الزوجة والاخت ينظمون الخيط والزوج يتابع اخبار خلافات فتح وحماس الابدية

حين دخل اللصين اقتحمت انوفهم رائحة نتنة قوية جدا  ارادا ان يقوما بالسرقة ويهربون و ودخلو حجرة المكتب وشاهدا خزينة الفيلا مفتوحة وليس بها مليم ايقنا ان هناك من سبقهم وعند خروجهم من المكتب لاحظا شيء غريب

شاهدا في حجرة الصالون ثلاثة جثث اقصد ثلاثة اشلاء لجثث  يجلسون وبجوارهم كرة خيط وصحيفة  فعرفا من اين تاتي تلك الرائحة

قام اللصين بالفعل الذي يجب ان يفعله اي انسان في ذلك الوقت لم يتوانيا لحظة في الاتصال بالشرطة وابلاغهم بانه عند مرورهم للسؤال عن مكان للحصول علي البنزين قد اشتما رائحة نتنة من تلك الفيلا وهم لا يستبعدون وجود جثة بالداخل

امتلأ المكان بافراد الشرطة وقاموا باخذ العينات وارسال الجثث الي الطبيب الشرعي وبعد وقت طويل جاء تقرير الطبيب الشرعي ان هذه الجثث هي لاشخاص بين الستين والسبعين  رجل وامرأتين  وقد ماتوا بسبب اختراق اعيرة نارية اجسادهم وهذه الجريمة حدثت منذ اكثر من شهر اذن هناك جريمة قتل وبغرض السرقة من الجاني؟ هذا السؤال هو ما يدور في مخيلة افراد الشرطة قاموا بعمل التحريات اللازمة
وبعد الفحص وسؤال الجيران الذين اكدوا انهم لم يروا اصحاب تلك الفيلا ابدا يغادرون مقرهم السكني وانه فقط هناك خادم كان يقوم علي رعايتهم وخدمتهم طيلة الوقت وهو فقط من كان يدخل او يخرج من تلك الفيلا وانهم لم يروه منذ اكثر من شهر

بالبحث  تم العثور علي الخادم وتم ضبطه واحضاره  ولم يستغرق الامر طويلا حتي اعترف الخادم انه من قتل تلك الاسرة حتي يقوم بالسرقة
الضابط: لماذا فعلت ذلك لماذ قمت بخيانة من تقوم بخدمتهم.؟
الخادم : اي خيانة؟
الضابط : الم تقتلهم كي تسرقهم؟
الخادم : بلي فعلت ذلك ولكن لماذا تعتبرها خيانة انا فقط قد قتلت ناس بالفعل اموات وهل قتل الاموات جريمة؟ يا حضرة الضابط المحترم قل لي شهر كامل بل اكثر من ذلك ولم يشعر احد بغيبة هؤلاء ولم يفتقدهم احد انهم اسرة منقطعة عن العالم فما الضرر من اجتثاث تلك الاسرة؟ انا الذي قمت بخدمتهم طيلة كل تلك الاعوام انا الذي اعرف ماذا يحبون وماذا يكرهون انا الوحيد في ذلك العالم الذي يمكن ان يفتقدهم ولكنني لن افتقدهم اتعرف لماذا قتلتهم ؟ لانني احتاج الي حجر يلقي في بركة حياتي الراكدة فيعيدها للحياة وجدت نفسي اصبحت مثلهم روتينيا كان يقتلني شعور انني في النهاية سأصبح مثلهم لذلك قتلتهم لانني اعلم انهم لن يستطيعوا الحياة بدوني فأنا امثل لهم كل شيء فرحمة بهم قمت بقتلهم
الضابط : تعليل غريب لجريمة نكراء انك تواجه عقوبة الاعدام بعد قتل اسرة كاملة مع سرقة أموالهم وتقول لي قتلتهم رحمة بهم؟
الخادم : هذه الاموال التي سرقتها انا الاحق بها نظير مكافأة نهاية الخدمة ولا اعتقد هناك قانون يعاقب قتل الاموات
استوقف الضابط الخادم بقوله : وجدنا في درج مكتب الضحية وصية توصي بان لك ثلث ثروته بعد مماته
ذهل القاتل وامتلأت عيناه بالدموع

فابتسم الضابط بهدوء وقال للعسكري الذي بجوار المتهم : خذه للحجز حتي يتم عرضه علي النيابة

ثم امسك الصحيفة وكان مكتوب بها سقوط صخرة اخرى من جبل المقطم  وقطار الصعيد يحترق مرة أخرى ومازالت خلافات فتح وحماس الابدية بلا حل ولم يلاحظ خبرا في اخر الصفحة مكتوب باستحياء مكتوب فيه القبض علي الخادم الذي قام بقتل اسرة كاملة بداعي ان قتل الاموات ليس جريمة

9 التعليقات:

amira miro يقول...

قصية جميلة مصطفي

مليئة بالرموزالتي اضفت علي القصة مزيد من الروعه


القتل جريمة حتي وان كان لشخص ميت قتله الروتين والسلبيه

ولكن ليس من حق اي شخص تنصيب نفسه حاكما وقاضيا وجلادالمحاكمة حتي الاموات

هبة فاروق يقول...

قصة جميلة ذكرتنى بقصص اجاثا كريستى وما تتضمنة من غموض وبعد حل اللغز ظهر مضمون واضح ان الخادم لا يرى انة اخطأ بهذة الفعل بل حلل فعلتة بان هؤلاء الاشخاص اموات بالفعل كما فعلت احدى الممرضات وقامت بقطع جهاز التنفس عن مريض محكوم علية بالموت فى اى لحظةوحللت فعلتها بانة ميت ..ميت
وفى اخر المطاف ندم على فعلتة عندما علم ان لة ثلث الثروة فتغيرت وجهة نظرة فى هذة اللحظة وتحولت مشاعرة من انسان يرى انة ليس مذنب الى انسان مذنب
هل المادة والمال تغيير المشاعر لهذة الدرجة ويموت الضمير
عجبنى تشبيهك ان الخادم اراد ان يلقى حجر فى بركة حياتة
فقد شبهت حياتة بالبركة الراكدة والحجر بالمال الذى يحرك هذا الركود ويعيد مجرى هذة البركة
احييك على هذة القصة وهذا التشبية فقد تضمنت القصة اكثر من مضمون وعبرة
تحياتى لك اخى مصطفى وسلم قلمك

مصطفى سيف الدين يقول...

اميرة بالفعل انتي تقرئين ما خلف السطور جيدا

ولكي نظرة فاحصة

تعليقك القصير يحمل الكثير والكثير

اسعدني تواجدك هنا

مصطفى سيف الدين يقول...

اختي هبة
تحليلك الرائع ينم عن قراءة جيدة وثقافة كبيرة
لكن تشبيهك بقصتي لقصص اجاثا كريستي فيه بعض المبالغة منك لانني ما زلت هاويا اكتب فقط ما يدور بخلدي دون احترافية
شكرا لكي اختي هبة تعليقك زاد قصتي جمالا
وعلي فكرة انا مكنتش اعرف قصة الممرضة دي غير منك
شكرا ليكي تاني

;كارولين فاروق يقول...

مصطفي معذره
هل كنت تقصد في بدايه القصه
ان ارواحهم هي التي كانت تتحرك وتقرأ
الجرائد وتلف الخيط
ام كنت تقصد المفاجئه بعد ان تخيلنا
انهم احياء لا يريدون فتح الابواب لاحد
ام تريد ان توصل لنا ان الذي ينغلق علي
نفسه ويتقوقع حولها فهو ميت بلا جدال
ام تريد ان تلغبطنا
انا توهت .انا مش عارفه انا مين

واذا كنت لاتقبل النقد فانا آسفه

مصطفى سيف الدين يقول...

اختي كارولين
بالطبع انا اقبل النقد واحب ان يهتم القاريء بما اكتبه وينفعل معه ويفكر
كنت اقصد ان اوضح فكرة القصة وهي انهم في حياتهم وبعد مماتهم لن يحدث اي فارق فهم اموات وهم احياء لن يفتحوا الباب وبعد مماتهم لن يتحركوا ايضا
رد الفعل واحد في كل الحالات
اتمني ان تصل فكرتي وان تتقبليها

عنيدة بمزاجى يقول...

قتل الاموات
تعبير غريب لاأستغربة على فكرك مصطفي
الذى ياخنا أحيانا الى منطقة تكاد تكون أمامنا كل الوقت ولكنك تراه باسلوب أخر.
أحس أن القصة لها وجهان
وجة الروائي أو الدرامى للقصة
والوجة الاخر هو الذى شدنى أكثر وهو وجة الحياه بلا حياه
وهو وجة جميعا يمر به قد نمر به ليوم أو لبضعة يوم
أو كما في قصتك لمدى الحياه وفي هذه اللحظة نكون كاموات
ولكن سؤال هل أصحاب المنزل لو أتيح لهم الاختيار هل كانوا سوف يرفضون الموت ؟أم لاحياة لمن تتنادى والامر لديهم سيان

ولاء يقول...

السلام عليكم

اقف امام مخيلة رائعه ...تجيد حبك الفكرة ثم رصها بانسياب يحيكه الغموض لتعطي طعماً مختلفاً للقصة ..

الحقيقة راقت لي القصة كثيرا كما راق لي قلمك هذه ثاني زيارة لي لمدونتك واسجل اعجابي بها ...
دمت بحفظ الله ورعايته

مصطفى سيف الدين يقول...

عنيدة بمزاجي
تعليقك مميز جدا وتحليلك للقصة هو بالفعل ما اقصده واجابتي عن سؤالك عن اختيار اصحاب المنزل هو انهم سيختارون ان يموتوا فالحياة والممات بالنسبة لهم سيان

ولاء
يشرفني تواجد قلم متألق له احترامه كقلمك في مدونتي واتمني ان احظي بتواجده دائما في هذه المدونة