الأحد، 19 فبراير 2012

معطف من إثم





ارتدى معطفه ذو غطاء الرأس العلوي و  وضع نظارة على عينيه كي لا يعرفه أحد , أجاد فن التنكر  ثم  مضى في سبيله , وصل إلى إحدى العمارات قام بالتسلق حتى دخل شرفة إحدى الشقق و منها قام بسرقة كل ما فيها
في الصباح خلع المعطف  عقد مؤتمرا لكل شعبه  رفع يديه قائلا (انظروا يدي بيضاء , لم أسرق احدا , أنا الرجل الذي يصلح لكم ليقيم العدل و يقضي على الفساد   لن أترك سارقا إلا و قطعت يده) هلل المطبلون و صار حديث الرئيس و الكلام عن نبله اهم من اي شيء و نسوا صاحبهم المسروق
في المساء ارتدى معطفه و قام بنفس الفعل إلا أن أصحاب تلك الشقة رأوه يسرق ما فيها هموا بالصراخ فبادرهم بطلقات متتابعة في صدورهم أرداهم قتلى
في الصباح خلع معطفه وقف في شعبه رفع يديه لهم ( انظروا يدي نظيفة من دمائكم , فدماؤكم عليَّ حرام  و عليكم حرام أنا من سيقيم شرع الله على القاتل و اقتص للمقتول , دماؤكم في رقبتي  أنا منكم و لكم و سأحقق لكم ما تبغون ) هلل المطبلون و صار حديث الرئيس أهم من دماء القتلى
في صباح اليوم التالي نسي أن يخلع عنه معطفه فخرج فيهم رفع يديه إلى أعلى فإذا بها ملطخة بالدماء قال لهم (نعم إنها دماؤكم أنا قاتلكم و سارقكم و سأظل أقتل و أسرق  فأنتم الرعاع و أنا السيد , هكذا خلقت الدنيا البعض يعمل و البعض يأكل و من يريد أن يعترض و يقول (لا) سيكون مصيره كجمجمة تنضم إلى باقي الجمجاجم التي يستند عليها عرشي ) أيضا هلل المطبلون و رحبوا بصراحة السيد الرئيس و حسن فطنته و حنكته و خوفه على شعبه  من أن يلقوا مصير الجماجم
حين جلس الرئيس على مقعده كان جيبه مثقلا بأموال الشعب و يداه مضرجة بدمائهم لذا فقد ثقلت أوزانه و أوزاره حتى مقعده لم يقو على تحمله الجماجم أسفل الكرسي تئن فهي تتحمل ما لا يستطيع تحمله الأحياء في النهاية خارت قوى المقعد و تهشمت الجماجم كي يسقط الرئيس بجاور جماجم إثمه , اقترب منه أحد رجالاته خلع عنه المعطف و ارتداه
هتف في الناس (لقد انتهى اليوم عهد الظلم و القتل و السرقة  و الفساد و لنبدأ عهد جديد  لكن خزانة البلدة خاوية )
قال الناس : جيوبه مليئة بأموالنا خذ منها
بغضب صاح : أتريدون ان ابدء حكمي بسرقة المسكين ربما كانت أمواله فهل تقبلون حراما
نظر المطبلون بعضهم إلى بعض ثم هتفوا للمسئول الجديد و حيوه على صراحته و بعد نظره و خوفه على شعبه من الاثم بينما باقي الشعب قاموا ببيع منازلهم و أثاثهم ليجمعوا للرئيس الجديد أموالا له و يظنون أنها ستعود عليهم 
بقي شيء واحد الجماجم التي خارت و الكرسي المهتز ما كان منه إلا أن قتل عدد أكبر كي يرتكز المقعد على الجماجم
و في النهاية نظر لصديقه القديم الملقى بجوار العرش قائلا (عجبت لك كنت تسرق و تقتل في الخفاء بينما كنت تستطيع أن تقنع الجميع أن يقدموا لك أموالهم و حليهم و أيضا جماجمهم عن طيب خاطر )
هتف المطبلون و بكت أمهات الضحايا , بينما الشعب كان صامتا و ظل صامتا ينتظرون اليوم الذي يخلع فيه المسئول الجديد معطفه


19 التعليقات:

محطات ثقافية يقول...

قصة ككل القصص الا انها حقيقية وهذا ما يخيف ان تتحول قصصنا التي كنا نرويها لعلها تمنحنا بعض الأمل تتحول الى حبلمن الأسى
اسوبك رائع في السرد رغم مرارة الاحداث
تحية خالصة لك ولعل الغد يكون أفضل

ابراهيم رزق يقول...

اخى العزيز مصطفى

من الاخر

تعدد طنطاوى و مبارك واحد
هذا هو حالنا للاسف

تحياتى لشجاعتك و صراحتك

faroukfahmy يقول...

برعت يا سيف كلاما كما برعت نصويرا الصورة تكاد تنطق لشاهديها بشهادة لاتلفيق فيها ولا مواراه ولا املاق لمن وضعهاوركبها ولا نفاق رفعت الاقلام امامها وجف المداد ولا مداد امامنا الا ان نرفع ايديتا لا لللاستسلام ولكن لطلب الرحمة من السماء

نسرين شرباتي "أم سما" يقول...

"تعليق قليل يمنع بلاوي كتير هانيالك يا تارك التعليق"
أول مرة أقرأ هاي العبارة لكن جميلة :)
نعود للقصة
هي حقيقية مئة بالمئة
وسيتوالى ورثة هذا المعطف المليء بالنقود
وستكثر الجماجم التي ترفعه أكثر وأكثر
وسيبقى المطبلون يهتفون ويهللون ويصفقون :(

شمس النهار يقول...

علي جمالها صادمة
كتبتها باسلوب الصدمة

Tamer Nabil Moussa يقول...

قصة رائعة اخى الكريم مصطفى

عبرت فيها عن كل ما يدور حولنا

تسلم ايدك

مع خالص تحياتى

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

السلام عليكم

اولا الصورة متقنة جدا وبشكل كبير احييك

ثانيا رأيى مثل كل الاصدقاء الذين تفضلوا بالتعليق...قصة تتكرر كل يوم معنا لكنها فعلا صدمة ولازلنا نحياها

لاننا كنا نظن ان تكون النتيجة غير ما آلت له مصر مع هذا الرجل

نسأل الله السلامة والرحمة والخلاص القريب

شكرا لك مصطفى ولك ارق تحية

جارة القمر يقول...

اتمنى ان يتحرك الشعب لخلع معطفه عنه غصبا

نقلت واقعا مؤلما بكلمات صادقة صادمة ... تسلم ايدك

Days and Nights يقول...

الأخ الغالى / مصطفى

لا أجد ما يعبر عما بداخلى فى هذة اللحظة سوى كلمة واحده

(((( هـــانــــت )))

ح نخلص من كل القرف ده قريب بإذن الله

هما بيراهنوا علينا وأحنا نفسنا طووووويل جدا لأنه وبكل بساطه مش ح نشوف أمًر من اللى شفناه.

طبعا طريقة السرد والأسلوب أكثر من رائع.

دائما أسعد بما تخطة يداك.

تحياتى لروحك الطيبة

تامر

ولاء يقول...

السلام عليكم

تصوير رأيك ومشاعرك في قصة هي موهبة ..

أما ماتشير إليه فالله يكون بعونكم .

دمت استاذ مصطفى بحفظ الرحمن

هبة فاروق يقول...

معطف من اثم
اجدت فى اختيار العنوان
واجدت فى سرد الاحداث
رائع انت دائما

ستيتة يقول...

تخيل
تروح ايام وتيجي ايام ويجرؤ احدهم ان يشكك في ان اموال الزعيم الفاكس حلال واحتمال انك يا شعب تاكل حرام
دي فلوسه
ابوه موظف وهو موظف وهات لي موظف مهما على شأنه يقدر يجمع أموال تتغطى بره وجوه
والمحزن في الأمر ان بلاد هذا الزعيم سمعت التطبيل دهرا فأدمنت الرقص
ونرجع ونقول
لو ان لحوم المطبلتية مسمومة لأنبتت في قصور الحكام العز بن عبد السلام ولتبوأت البلاد منزلة مستحقة من زمان
تحياتي

حنين محمد يقول...

مساء الغاردينيا أستاذ مصطفى
رائع وأبدعت فعلاً في وصف ذلك المعطف الذي يتبادله الرؤساء وإن أختلفت أساليبهم المؤلم أن كثر الجماجم ويبقى السم مدسوس في الخفاء "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

Unknown يقول...

أبدعت .!

وهكذا القصة منذ ألف عام وعام ..

والله يستر من الجاي .

حَنيّـن نِضال يقول...

ما لم يخلع الشعب غشاوة الشجاعه عن قلوبهم و عقولهم سيقلع ها المسؤل معطفه ليرتديه اخر يسزيد كومه الجماجم تحت الكرسي و الاموا المكدسة في جيوب المعطف و دماءا زياده ستسيل لتلطخ يدي المسؤل الجديد :\

هيفاء عبده يقول...

خيال.. واقع ..ابداع
خيالك جميل في وصف الواقع المرير ..
قصتك تكشف مدى استغفال المسؤولين ومدى غباء الشعب ..
ومدى النهايات المريرة ..

رائعة ..أعجبتني كثيرا

غير معرف يقول...

مساء الورد مصطفى

قصة مؤلمة تحكي عشرات السنين من الظلم والقهر والألم الذي لا مبرر له وكل الخوف أن يضل المعطف متداول بين ايادي البشر وينعكس قذارته على حضارة بلد فالحل هنا هو إحراق هذا المعطف ....

مبدع ولا جديد يا مصطفى فما زلت تسخر الحروف لخدمة فكرك وأدبك بأتقان ...

تحياتي وإحترامي

يوميات شحات يقول...

حلوة جدا
لكن مكنتش تحط صورة لأن الإسقاط واضح و لا يحتاج الى صورة
تسلم ايدك

نيللي علي يقول...

لأسف مبارك موجود في صورة لمشير
ربنا يحفظنا ويرحم شهدائنا

تحياتي لك