كل هذه
الافكار والذكريات كانت تدور في مخيلة منصور وهو يداعب المفكرة قبل ان تصل به ذكرياته ليوم مقرب
الى نفسه هو يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ,حيث ذهب منصور لميدان التحرير ليكون احد ابطال
الثورة ظلت ذاكرته عطرة بما رأى هناك ,رأى الناس على اختلاف مذاهبهم باقون و
متفقون على مطلب واحد (الشعب يريد اسقاط النظام ) ورأى الملايين الغاضبين يملؤهم
امل في غد . امل ممزوج بالارادة الصلبة القوية ارادة تتحدى المولوتوف وقنابل الغاز
بل تتحدى الرصاص والجمال والخيول
ثمانية عشر
يوما من المجد قضاها منصور في الميدان ويذكر ذلك اليوم الذي كلما تذكره يصف نفسه
بالغباء حين همس لاحدهم بقصة ابيه وانه لو ادار ذلك الجهاز لما استطاع ان يستثير
حنق الشعب المصري كما اثارها ذلك النظام
كان الرجل
الذي بجواره احد المندسين بين صفوف الثوار واحد من عيون النظام البائد ,لم يكن ليعلم
منصور ذلك حتى رآه بعد انتهاء الثمانية عشر يوما وهو يشيع بين الصفوف في احدى المظاهرات
التحريرية الرعب وتثبيط الهمم حينها فهم من ذلك من يكون الذي وثق به
يذكر منصور
كيف كان يظن ان هناك من يراقبه او يتابعه كم من سرقة وتعدي اجتاحت منزله ولكنه
يحفظ المفكرة في مكان امين
ما الذي
يطاردك يا منصور ولماذا؟
ربما
يريدون استعمال ذلك الجهاز ليشيعوا الفوضى والحنق في مصر حتى تسود حالة الغوغائية
و الانفلات الأمني فلا يستقيم الوضع ابدا و لا تستقر البلاد , ربما ,انه سيناريو
مدروس
سنين مضت
في ذلك الرعب بينما ما زالت مصر تعاني جمعة وراء جمعة مطلب يتحقق وآخر يغضون الطرف
عنه وما زال الفلول يرتعون في البلد وما زالت حالة من عدم الاستقرار تسقم البلاد
أعوام مضت
بين ذلك وتلك حتى وصل منصور لفكرة السفر للمستقبل في ذلك القطار الغريب , بالرغم
انها فكرة ليست مستساغة او معلن عنها اعلانا كاملا الا انه استطاع ان يتدبر حال
تلك التذكرة ليعبر للمستقبل ليحصل على ذلك الجهاز قبل ان تصل له ايدي الفلول
فالسفر في
زمنه الحاضر لسيبيريا للبحث عن المغارة المنغلقة بانهيار جليدي ودرجة الحرارة التي
تصل لتحت الصفر باربعين درجة يعد شيئا مستحيلا لا يستطيع البحث الآن ولن يمنحه
الروس حق البحث اما في المستقبل قد يكون الوضع اسهل في ظل ان سيبيريا جنة الله في
ارضه
لذلك قرر
الرحيل لارض الاحلام سيبيريا
قطع حبل
تواصل افكاره صوت معدني يطلب منه ان يربط الحزام قبل ان يصدر القطار دويا ثم
ارتجاجة قوية وتسود الظلمة ثم في لحظة يعود الضوء
*****************************
اهلا
ومرحبا بكم في المستقبل
ارض الجمال
و الخضرة جمهورية سيبيريا الحرة ترحب بكم
***************************
حقا؟ اصبحت
سيبيريا جمهورية وحدها , انفصلت عن روسيا؟ ربما , اما ان اقدامه تطأ تراب المستقبل
فهذا احساس وشعور غريب جدا فهو ذلك
الاحساس الذي يمتزج فيه التوتر بالفرح
تسوقه
اقدامه في شوارع سيبيريا , الجو صحو حقا ربما متشبع ببعض البرودة لكنها سيبيريا
التي لا يوجد جليد في شوارعها بالرغم انه الشتاء, اما الشوارع فهي غريبة ارض
الشارع تكاد تلمع كأنها مصنوعة من الصلب لكنه ليس ساخنا بالرغم من اشعة الشمس
والسيارات لا تسير على الارض بل ترتفع على الهواء فهي لا تحتك بالارض فلا تصدر من
احتكاكها حرارة كما انها تعمل بالطاقة الشمسية ففي المستقبل ومع حرارة الشمس كل
شيء يعمل بالطاقة الشمسية اما عن المارة فملابسهم غريبة جدا الجميع يرتدون ملابس
فضفاضة اشبه بالجلابيات لأن الحرارة الشديدة تمنعهم من ارتداء البزات و ربطات
العنق
لم يجد
صعوبة وهو يسألهم عن السفارة المصرية وان يجيبوه ويتفهموا ما يقصد
ذهب
للسفارة المصرية كانت نواياه ان يخبرهم عن كل شيء وان يسالهم المساعدة فيما يبحث
ذهب لمكتب
الموظف المسئول عن مساعدته لكن لم يلبث ان يثير غيظه شيء ما , صورة معلقة على الحائط خلف الموظف لرجل مهيب يرتدي
ثيابا عسكرية اثارت في نفس منصور بعض الغيظ هل عادت تلك الصور مرة اخرى لتزين
المكاتب او لتشوهها؟
- من هذا
الرجل؟ (هكذا وجه سؤاله للموظف)
- هذا؟
هكذا (هذا) احتقارية؟
وقف الموظف
و نظر للصورة بإجلال : إنه رئيس مصر
المبجل و لا يقال عنه (هذا) تلك أبدا
صدمته
الاجابة , مائة عام مرت و لم يحدث شيء
ربما عدنا لما سبق صور خلف المكاتب وتعظيم وتأليه اما لمصر ان ترتاح وان يحكمها
حاكم عادل , لذا لم يجرؤ منصور السؤال عن سر ثياب الرئيس العسكرية لكنه في ذات الوقت قرر
ألا يحدث الموظف عن سبب قدومه لذا قال
- كيف حال
مصر الآن ؟
- انها في
خير حال فهي ام الدنيا بلاد الاهرامات ربما اصاب النيل بعض الجفاف لكنه ما زال
يجري بصورة اقل من زمنكم لكنه ما زال موجودا و سيظل خالدا , والشعب الطيب على
ضفتيه باقي , هكذا هي مصر دوما منذ ابد الابدين وهكذا ستظل . اعجب لامركم ايها
القادمون من الماضي كيف تذهبون للسياحة في سيبيريا وتتركوا مصر
- وكيف هي
الحرارة في مصر؟
- نعم انها
مرتفعة حقا انه الاحتباس الحراري الذي اجتاح العالم وليس مصر فقط ولكن ما زالت مصر
هي ام الدنيا هي البلد الخالد
- ان شاء
الله المرة القادمة ساذهب الى مصر للسياحة ولكنني اود أن تساعدني في شيء ما انا
عالم جيولوجي لم اقدم لسيبيريا للسياحة ولكن كما تعلم ان سيبيريا في عصري كانت
كتلة جليدية من الصعب دراسة صخورها وجبالها واحجارها لذلك قدمت اليوم لدراسة تلك
الصخور بعد ان انكشف عنها الجليد فهل تعينني وترسل معي من يعرف مسالك وتضاريس
سيبيريا يساعدني في بحثي
- عندي
طلبك في الصباح ستجد سيبيرية حسناء اسمها الكساندرا زفاروف ستصحبك كدليل في رحلتك
حتى تتم بحثك وتعود لزمنك
- اشكرك
حقا ان السفارات المصرية تغيرت للاحسن في عهدكم حتى انكم صرتم تهتمون لامر مواطنيكم
قالها
منصور وهو ينظر لتلك الصورة القابعة خلف مكتب الموظف بغيظ ورحل في اتجاه الفندق
استوقف
سيارة اجرة من تلك التي لا تسير على الارض بل على وسائد هوائية كي يقله الى الفندق
كان الفندق
باهر المنظر مهيب ذكره بقصور العصور الوسطى التي كان يراها في الافلام حتى انه ظن
انه عاد للماضي ولم يذهب للمستقبل تلك الملابس العجيبة وذلك الديكور الاسطوري
يوحيان اليك بذلك
حين ولج
لغرفته اضيئت الانوار تلقائيا ليرى عجب العجاب الحجرة تكاد تكون خالية من اي شيء
كلما اراد شيئا فقط حدث نفسه به فيجده , ان اراد الجلوس فقط يحاول الجلوس فيجلس
كأن هناك شيء ما يسيطر على عقله ويوهمه بذلك حتى التلفاز فقط يدور في خياله انه
يريد ان يشاهد التلفاز حتى تظهرالصورة ثلاثية الابعاد كأن شيء ما يحيا معه في
الغرفة لا بد ان هناك تكنولوجيا ما تعتمد على الايحاء تذكر ما قاله له الراكب
الآخر الذي كان معه بالقطار بان هناك العديد من الاختراعات لا يستطيع ان يبيعها في
زمننا لأن زمننا لم يصل بعد لتكنولوجيا الايحاء فما كان الا ان يأتي الا ببعض الاجهزة
التي تعتمد على الطاقة الشمسية
كان منصور
متعبا حقا من اجهاد يوم طويل لذلك نام وما استيقظ الا على صوت يصيح بعقله دون ان
يعرف مصدره ان الآنسة اليكساندرا زفاروف تنتظره في بهو الفندق
ارتدي
ملابسه الغريبة بالنسبة لهم و نزل سريعا فوجدها في زيها الغريب وتلك الموضة
العجيبة التي تتبعها السيدات في ذلك الزمن من الوان لو ارتدوها في زمننا لاقاموا
عليهم الحد بسبب عدم الذوق , الوان مبهرجة
فاقعة ممزوجة في شكل فستان لكن الجسد الذي يملأ الفستان كان رائعا بحق كانت
الكساندرا في منتهى الجمال لكن وجهها تلمس فيه برودة سيبيريا وجه خال من التعبيرات
مد منصور
يديه ليقدم لها نفسه قائلا منصور من الماضي وعالم جيولوجي
لم تمد
يدها لتصافحه بل نظرت اليه قائلة : في زمننا لا احد يصافح احد فقط نتكلم دون
ملامسة انا الكساندرا دليلك الى مجاهل سيبيريا
- حسنا
فلتأخذيني الى رحلة لنتقصى بها جبال سيبيريا للحصول على بعض العينات التي قد
تفيدنا في بحثنا
استقلا
سيارتها الحمراء وانطلقا يسابقان الريح اراد ان يبادلها حديثا يفتح به حوارا
-
اليكساندرا اسم رائع يذكرني بمدينة تحمل لي الكثير من الذكريات
-آه
اسكندرية المصرية لقد غرقت منذ فترة قريبة كالعديد من المناطق الاخرى
-
الاسكندرية غرقت؟ انا اعلم مدى نضال هذه المدينة ولا اظنها تغرق بسهولة
- لا شيء
فوق الطبيعة
- كيف هي
الحياة في عصركم
- الحياة
عندنا كما هي الحياة لديكم الا انها اكثر عملية عندنا نهتم بالعمل اكثر وننغمس فيه
حتى يغرقنا داخله فننسى كل شيء
- عمل فقط؟
ليس هناك مشاعر او خصال ليست هناك روح تحرك الحياة؟
-ليس هناك
وقت لذلك , الحياة سريعة كتلك السيارة تنقلك من حال الى حال
- ولماذا
تعملون ان لم ينعكس ناتج العمل على ان يحقق لكم السعادة
- ربما
مفهوم السعادة عندنا تغير عنكم فالسعادة لدينا هي ان تنجح في عملك وتصل لاكبر
المناصب
- والاسرة
والزواج والحب ؟
- الزواج
هو شيء روتيني ربما للتهرب من ضغوط العمل اما الانجاب فهناك سيدات مخصوصات
عملهن فقط هو الانجاب يتم عمل التلقيح انبوبيا ثم وضعه في اجساد هؤلاء السيدات حتي
يكتمل النمو بداخلهن
- يا للهول
ومن ذا الذي يريد الانجاب في اسرة مفككة مثل تلك
- انه
القانون الذي يجبر الجميع على انجاب طفلين حتى وان لم يكن يريد تربيتهما فعليهما
انجابهما وتسليمهما للحكومة
- انتم
تعيشون في جحيم حمدا لله انني لست منكم
- ربما نحن
من نظن انكم تحيون الجحيم
- الآن
عرفت لماذا غرقت الاسكندرية هي لم تتحمل جفاف تلك الحياة فالاسكندرية مزيج من
الاحساس الدافىء يقتلها الجفاف , ربما اختفت الجبال الجليدية من اراضيكم لكنها نمت
وكبرت وترعرعت داخل صدوركم
يتبع
غدا الجزء الثالث و الأخير
14 التعليقات:
كل حاجه اتغيرت سواء للاحسن او للاسوء
الا الحكم :S
ربنا يستر علينا ومش يبقى كده فعلا
فى انتظار الجزء الاخير يا مصطفى
ما هي مصر دايما كده
كل حاجة بتتغير الا الحكم
بغض النظر عن الفكرة السوداوية اللى بيتجه إليها الموضوع
الفكرة وصياغتها فعلا مثيرة للإعجاب .. ماشاء الله تبارك
فى إنتظار التكملة .. وإن شاء الله الامور مهما إسودت ربنا لن يخذل امهاتنا
ان شاء الله تروق لكِ البقية و ان كنت أظن ان ذلك الجزء الاكثر سوداوية
اللهم امين ربنا مش هيخذل امهاتنا بالتأكيد
ان شاء الله جبال الجليد كلها ستذوب وتعود القلوب لدفئها
وحرارة المشاعر والترابط هتسود وتعم كل البلاد
وان شاء الله ايضا بشىء من الصبر والاصرار و السعى للحق والمطالبة به سيجىء يوم يحكم فيه البلاد رجل عادل صالح فدوام الحال من المحال
اعود لأسلوب القصة وكرر اعجابى الدائم بمخيلتك وسلاسة عرضك للافكار
وفى انتظار الجزء الثالث :)
ربى يوفقك سيف المدونين ويارب دايما تمتعنا بقلمك المتألق
تحياتى لك اخى
اللهم امين
اتمنى يا ليلى ذلك سريعا قبل أن نستسلم للجليد
شكرا يا ليلى
القصة على فكرة مش جيدة و ده رايي فيها غلبت فيه الفكرة عن الاسلوب الادبي مما جعلها جافة بعض الشيء
ده رايي فيها بس زي ما قلت لريبال في الجزء الاول كي لا اكتم فكرة أرقتني لذلك نشرتها
القصة ماتزال على نفس الدرجة من الجمال رغم بوادر السواد الغامض والظل الذي بدأ يتسلل إليها، لاحظت انها بدأت تأخذ طابع أقرب لروايات يوسف السباعي في طريقة السرد ومتابعة افكار البطل وبشكل خاص في الحوار الصريح - الشبيه بالتأملات الداخلية - بين البطل والفتاة الدليل، الخيال فيها عجبني لأنه يعتمد على أفكار موجودة حاليا وليس مجرد خيال صرف بالتالي يمكننا تصور تحققه في المستقبل .. مش عارفة كان في أفكار تانية جت في بالي ساعتها وطارت هههه بس المهم ان نهاية المقطع مشوقة أكتر^^ انتظر الجزء التالت بفارغ الصبر
لو لم يخدم الخيال واقعنا فسحقا له من خيال يجذبنا الى الجنون
اشكرك اختي العزيزة و اتمنى ان يلقى الجزء القادم اعجابك
قرأت الجزئين معا، سأنتظر الثالث.
الحقيقة أني سحت معك في هذا الخيال أخي مصطفى :)
اشكرك استاذي العزيز
نورتني
الموضوع ده عاوز مزمزة من بدايته :)
حقرأ الجزأ الأول والجزأ الثاني أول ما افضى ان شاء الله :)
اعذرني للتأخر أ. مصطفى :)
لكن شكله حلو،، إحساسي بيقول كده
طيب يبقى اعملي حسابك تقري الجزء التالت كمان معاهم علشان انا بصدد نشره الآن
اة والله انا خايفه بكرة
يقولوا لينا انتوا عايشين كدة ازاى
ههههههههههههههه
اجيال غريبه وكل جيل بينقد الجيل اللي بعده
ربنا يستر بيجد :)
مازالت مستمتعه تيرارار
:)
ما هي دي سنة الحياة يا رونا
كل واحد ميعجبهوش غير نفسه
شكرا ليكي يا رب يدوم استمتاعك
إرسال تعليق