السبت، 8 ديسمبر 2012

إلى عاشقة التجريد (بنت علي) تحديث





( يصفقون
                          و يبكون نشوة بلحني
وانتحب قهرا
                     لعزفي بآخر أوتاري )  
                          
                                     Bent Ali

إلى عاشقة التجريد

التي تعتلي دائما صهوة جوادها تنظر من أعلى نحو الشمس القريبة البعيدة و تحاول أن تتحسسها بأطراف الأنامل إلا أن الأشياء لا تبدو كما نراها , تشعر بالغضب فهي شفافة كأنها خلقت من زجاج , يوحي إليك أنها هشة.
قارورة أنتِ يا عزيزتي  , سهلة الكسر لكن لا ينال من يكسرك سوى الجروح الدامية , في اليوم الواحد تًقتُلين و تُقتَلين أكثر من مائة مرة و في آخر النهار تمتطين  مهرك و تركضين بعيدا نحو الشمس  الغاربة لتصبغين شفقها من دمائك و تبتسمين
هل تعرفين يا عزيزتي شيئا اسمه ( lubricant )  إنه نوع من الدهن يضعونه بين تروس الآلات حتى تلطف من احتكاكها فلا ترتفع حرارتها و تحترق , ذلك الدهن لا يغير من خواص الآلة و لا يحول طبيعتها من حالة لحالة , فقط سيمنعها من إحراق نفسها
ربما تحتاجين يا عزيزتي لذلك الدهن كي لا تؤذي نفسك
حين طلبتِ مني كتابة تلك الرسالة أصابني الفزع و الخوف  , لا أخفيكِ سرا فأنتِ من تلك النفوس التي تعشق التعرية و الحقيقة المجردة دون أي ( lubricant )  تلك الحقائق التي ستؤذيني إن أمعنت فيها أكثر مما ستؤذيكِ , التعمق في بحار النفوس يسوقنا دوما نحو القاع , و في القاع تذوب الجلود و لا تبقى إلا الذوات , فأجد ذاتي أمامي لا ذاتك فتغرقني فيها و أقاسي آلاما مبرحة
تلك الحروف التي أكتبها في رسالتي  بعد إغراقي فيّ  هي نزفي لا نزفك  . أبحث عن روح هشة تقاوم ظلامي حتى أستطيع قرائتك آسف يا عزيزتي كنت أود الحديث أكثر لكنني لا أقوى على الرؤية
أظنني صرت مغترا كثيرا بأن يصير حديثي عن نفسي لا نفسك
اسمحي لي ببرهة  كي  أتمالك ذاتي و يعود لي رشدي و أستطيع أن أميز بين حديثي عني و حديثي عنكِ
سأكرر ما أقوله لنفسي دائما و أقتبسه من رشا عمران " مجرد الطب لا يكفي لطرد عتمتك لذا سأعريك يوما يوما بضوء حقيقتي "
و ننتظر تلك الأضواء الحقيقية  فلا تأتي , مصابيح الشوارع صارت تتلصص و تغرقنا في ظلمة دائمة
الشمس هناك يا وفاء فقط إنتزعيها و ضعيها بصدرك , الحرارة عالية و نحيا دون   (lubricant)
ثانية تصيبني ذاتيتي بالعطب البصري فلا أدري ماذا أرى و لا أعرف عما أتحدث , أتوقف الآن و أتحدث في وقت آخر
جزاكِ الله يا وفاء , لا أدري أشرا أريد بي حين وافقت أن أكتب تلك الرسالة أم أراد بي ربي رشدا  .
عزيزتي التي تخشى فراق الأعزاء بقدر خشيتها من الموت بل هي لا تخاف الموت .فهي تظن أنها دفنت منذ زمن ليس بالقريب متى تعلمين أن القطار لا يقف , يتغير الركاب من محطة لأخرى , يُقَطِّعون  الفؤاد إربا حين يَقطعون تذاكرهم و يمضون مخلفين ورائهم رفاتا تحترق في نهر الجانج كل ليلة بنيران تذاكرهم و تذاكيرهم , و لكن هذا لا يضير سائق القطار الذي لا يتوقف لقراءة الفاتحة بل يمضي ليسمح لآخرين بالهبوط في ممرك
يا سيدتي التعلق  عصفور حبيس في قفص , ينتظر الفتات تغدقه يد الذكرى فيلتهمها كتفاحة سنووايت المسمومة التي  غيبتها ردحا من الزمن لتستيقظ و تجد آخرين , ربما هي كانت محظوظة و وجدت أميرها  و لكن  الأمراء  أُفنوا مع فناء الأساطير  , لذا عليكِ أن تعي الحقيقة , الحياة ليست مباراة ملاكمة تنتهي بالضربة القاضية , تتوالى الضربات القاضية و الفائز هو من يتحمل و يبتسم في النهاية.
سيدتي عاشقة التجريد أعتذر لنفسي قبل أن أعتذر إليكِ على محاولتي لقرائتك و قرائتي , بعض الحروف لا يجب أن تقرأ فيظل سحرها  في وقعها و ترتيبها و لوحتها السيريالية التي تصل قلوبنا دون أن تخدش جلودنا
--------------------------------------------
هذه الرسالة بناء على طلبها و هي تجربة لن تتكرر فلقد عانيت منها
* حدث خطأ بالأمس و أنا أنشرها فأخطأت بنسخ مقطع من رواية كتبتها  و وضعت في التدوينة بطريق الخطأ آسف لذلك

6 التعليقات:

حنين محمد يقول...

صباح الغاردينيا أستاذ مصطفى
هي رسالة عانيت منها لأنك حاولت تجريد ذاتك
سلطت الشمس إلى مكان مظلم أردت تراه
رائع ورائعة تللك الوفاء التي جعلتنا نقرأ نثر إبداعك "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
Reemaas

Casper يقول...

قصة في غاية الروعة يا مصطفى
بالتوفيق دائما

Casper يقول...

قصة في غاية الروعة يا مصطفى
بالتوفيق دائما

تقبل مروري

رشيد أمديون يقول...

أحسنت يا صديقي، الرسالة مشفرة
والاحساس فيها عميق وقوي.
مودتي

aya mohamed يقول...

الله يا مصطفى
اسلوبك الرمزى دايما بيكون رائع وبيبهرنى
كمان البوست ده تحفة
دمت مبدع :)

سيارات يقول...

تسلم الايادي