الاثنين، 25 فبراير 2013

ترابيز



أحيي الجماهير بإيماءة من رأسي و انحناءة باسمة ثم أنظر تجاهه في الطرف الآخر ، أقول له بصمت : أضع حياتي بين يديك .
أقبض على العارضة الخشبية بأناملي الضعيفة التي لم تُخلق للتشبث ، أتأرجح مرتين في الهواء و أنظر نحوه فابتسم و أنا على يقين أنه سيتلقفني ، يحملني ذلك الإحساس إلى الارتفاع متأرجحة حتى أدنو من سقف المسرح حينها أترك العارضة و أسبح في الهواء أتقلب فيه دورتين منتشية و أنا أستعد لأفضل لحظات الفقرة حين تحيط ذراعيه القوية بخاصرتي و ينقذني .أغمضت عيني و حلمت بخمائل الورد التي تظللنا دوما و نحن نرسم على الأشجار قلوبنا و نتعهد أننا باقيين معا ما بقيت الأشجار .
أسقط من علٍ نحوه فأفتح عيني كي تنهل منه و أستعد لعناقه ، لكنه لم يمد ذراعيه نحوي فقط نظر إليّ نظرة بلا اكتراث  و رحل ، الهلع يقتلع قلبي بينما أنا  

أ
هـ
و
ي
عيون الجماهير المشفقة تزيد من وجعي بينما أنا أنتظر أن يبتلعني الموت ، لم تدمع عيني إلا حين أعادتني الشبكة المطاطية إلى الهواء ، تذكرت كيف كنت أعشق الهواء  الذي لا يحمل إلا شذاه و ذراعيه .
قفزة أخرى فوق شبكة الذكريات المطاطية تسقطني في جب عميق  من الألم لارتفع فوق جبال العذاب  ، حينها أحاطت خاصرتي ذراعين
 فاصرخ : حسن؟!!
حسن رحل   فلا تنخدعي ، أنظر نحو صاحب الذراعين فإذا به (عازف)  ، أشعر بوخزة ألم في صدري و على صوت تصفيق الجماهير الفرحة بنجاتي كنت
أ
ت
هـ
ا
و
ى
في غيبوبة بين يديه و وجهي لا يواجه إلا عينيه ، يحملني و يدنو مني قائلا : لا تخافي لن أتركك تتألمي
صدقته ، آمنت به ، من يخوض في ظلال  الموت و يغرق في بحار الألم سيصدق أول ذراع ينتشله ، ابتسمت له  ممتنة و ركضت به إلى خميلة الورد كي أمحو به قلب حسن و أرسم قلبه ، لم يكن ذلك سهلا لكنني فعلته .
في تلك الليلة ارتديت الأبيض  ، تزينت ، وضعت المساحيق بوجهي و طليت شفاهي  بالعسل العذب حتى يرتشفه و أزهرت الورود بوجنتي تنتظره يقتطفها
حين دخلت المسرح  وجدته مكتظا بالجماهير نظرت نحو الشبكة المطاطية ، حدثتها أنني أؤمن بعازف  ، قصصتها من طرفيها فسقطت  و اعتليت السلم 
أحيي الجماهير بإيماءة من رأسي و انحناءة باسمة ثم أنظر تجاهه في الطرف الآخر ، أقول له بصمت : أضع حياتي بين يديك .
أقبض على العارضة الخشبية بأناملي الضعيفة التي لم تُخلق للتشبث ، أتأرجح مرتين في الهواء و أنظر نحوه فابتسم و أنا على يقين أنه سيتلقفني ، يحملني ذلك الإحساس إلى الارتفاع متأرجحة  حتى أدنو من سقف المسرح حينها أترك العارضة و أسبح في الهواء أتقلب فيه دورتين منتشية وأنا أستعد لأفضل لحظات الفقرة حين تحيط ذراعيه القوية بخاصرتي و ينقذني أغمضت عيني أحلم بخمائل الورد
لكن الحطاب لم يترك شجرة إلا اقتلعها ، أنظر نحو عازف كان لا يمد يده بل عزف عني و عزف على جرحي لحن الهوى  القاتل  فنظر نحوي بلا اكتراث و مضى  
نظرات الجماهير الهلعة لم تعد تقلقني فعيني لم تعد ترى أحدا تذكرت قول العرافة الخرفة لي : 
- بنيتي لا تجعلي من قلبك شارعا يطئونه بأقدامهم و أنتِ تشيدين لهم فيه بروجا شاهقة فهم لن يلبثوا أن يلقوا فيكِ قاذوراتهم و يمضون ، لهذا خلقت الطرق و لهذا رصفت الشوارع ، اجعلي من قلبك صحراء جافة حين يقتربون منك تبتلعهم رمالك و تدفنيهم فيكِ فلا يرحلون أبدا
ابتسم حين  أتذكر غبائي  في عدم تصديقها ، ابتسم و أنا أتذكر أنني أسقط  لم أفهم العلاقة بين العشق و السقوط 

هـ
و
ي
ت

ح
ي
ن

هـ
و
ي
ت
اقترب من أرضية المسرح القاسية ، صرخات الجمهور لا تصل لمسامعي و أنا ارتطم بجفاف الأرض و تبتلعني رمالها و أدفن فيها لكن قبل أن أنتهي دنت مني إلتفاتة إلى أعلى لا أرى سوى عارضته الخشبية تترنح و تترنح بلا ذراعين ، يجول بي خاطر أخير أنني لن أكون الغبية الأخيرة فكل لاعبي  الترابيز لا يتعلمون

15 التعليقات:

شهرزاد المصرية يقول...

بالطبع هى ليست الغبية الأخيرة
فلاعبى الترابيز كمعظم البشر لا يتعلمون
رائعة
تحياتى

;كارولين فاروق يقول...

اجعلي من قلبك صحراء جافة حين يقتربون منك تبتلعهم رمالك و تدفنيهم فيكِ فلا يرحلون أبدا
يا سيدي ع الخواطر
تشبيه جميل بين لاعبه الترابيز وبين المرأه
التي تترك قلبها لعبه
جميله يا مصطفي جدا
تحياتي

ابراهيم رزق يقول...

نعم يا صديقى
العشاق لا يتعلمون

بل سعادتهم فى السقوط فى بحر الهوى

دائما مبدع يا مصطفى

تحياتى

Remas يقول...

أ هـ و ي

أ ت هـ ا و ي

هـ و ي ت .. ح ي ن .. هـ و ي ت

اختصرت تلك الكلمات كل الحكاية

عجبني اوي توظيفك لتلك الكلمات بالقصة

وجهة نظر العرافة ايضا صائبة واعجبتني وكان عليها ان تعمل بها
ولكني لست اراها وحدها المخطئة

أرى ايضاً ( حسن ) و ( عازف ) هويا حين تخليا عمن هواهما


جميلة كتير يا مصطفى

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

أقول له بصمت : أضع حياتي بين يديك

هـ و ي ت
ح ي ن
هـ و ي ت

مصطفى ياااااااامصطفى مش لاقية كلمة تليق بالقشعريرة التى دبت بجسدى من كلماتك اللى لمست روحى ومعاناة كتير من البشر حين تحب وتخلص فى الحب

تعرف انا افتكرت اغنية ذكرى ( غلطانة يوم انى هويت المشكلة ماهو الخطأ المشكلة انى وفيت والله وفيت )

ايه الاحساس ده وايه التعبير ده انت رائع وغريييييييييب فعلا مفيش لك شبيه بين المدونين لك حرف خاص ومكان مع نفسك كده ركن بعيد هادى :)

بس خلاص :)

تحياتى بحجم السماء

رشيد أمديون يقول...

تدري وأنا أقرأ قصتك، تذكرت أغنية سيد درويش: أنا هويت وانتهيت..

وجدت القصة تستعمل تشبيها جميلا ما بين لاعبي السرك والعاشقة المنخدعة، فلاعبة السيرك في الهواء إن لم يتم انقادها من يد من وثقت به فمصيرها الهاوية.
لكنك أنهيت القصة بقول أن كل لاعبي الترابيز لا يتعلمون، وهم كالعشاق أيضا، فمادام القلب في الصدر يبقى الاصرار على الموت.

تحيتي لك صديقي.

faroukfahmy يقول...

نعم يا سيف كل لاعبات الترابيز لا يتعلمن انهن يلعبن لاسعاد الآخرين ولو على حساب حياتهن
لكن شئ واحد يعلمنه بقلوبهن وليس بعقولهن الحاضرة ذاك هو مساعدة الحبيب بيده القوية على حملها الحانية على خصرها

موناليزا يقول...

بقى فى منافسة قوية جداً للتعبير عن مشاعر المرأءة :)
مختلف قلمك هذه المرة تحديداً

حسيت البطلة فى القفزة الأولى واحتقرت البطل الأول
وفى المرة الثانية أشفقت عليها ولعنت البطل الثانى
( فلم يجبره أحد على تمثيل دور المنقذ)
وفى النهاية أصابنى اكتئاب من الموقف كله

عن "ترابيز" أول مرة اعرف اسم اللعبة دى :)

عجبنى كتابة الكلمة كده "أ ت هـ
ا و ى" ششعرت بها وكأنى أسقط معها

دمت مبدعاً ومختلفاً

نور الدين (محمد الجيزاوى) يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
نور الدين (محمد الجيزاوى) يقول...

طبعا انت تعرف رأيي بقلمك ياصديقى
لكن والحق أقول لك شعرت أنها معارضة لقصتى ( الهاتف الذى تحاول الإتصال به .. لن يرد)
لكن بلغة مختلفة يمكن أن نصفها بوصف الرائعين (لغة مهذبة)!!
..
أحسنت يادكتور

رؤى عليوة يقول...

كتييييير بفكر هو غدره ولا غبائها

هو فعلا وعد ولا هى متهيألها

كتير الوهم بيسبب الم وكره لحد ملوش ذنب

وفى النهاية التكرار لا يعلم من لا يمتلك حقيقه واقعيه يحبها ويلمسها



اسلوبك رائع
دائما فى تقدم

دمت بخير

admin يقول...

هاته ضريبة من تفكر بقلبها فقط دون عقلها..

من أروع ما قرأت..

كنت هنا..

Lobna Ahmed Nour يقول...

واقعية.. ومكتوبة حلو :)

افكار مبعثرة يقول...

فعلا و ما العشاق الا لاعبي ترابيز يواصلون السقوط كل مرة و كانهم ادمنوه بلا توبة
رائعة
تحياتي

Salma Hesham Fathey يقول...

عزيزي د. مصطفى ..

التدوينة ممتعة .. عميقة .. وفكرتها إبداعية :)