الجمعة، 15 أكتوبر 2010

خيوط الدمية






كنت اسير مع صديقي في ممرات المدينة حين رأيت رجلا يطرق الباب بقوة وينادي علي من بالداخل بصوت متلهف وما لبث ان تحول الصوت الي بكاء ونحيب وظل يتمتم بكلمات من طراز اين انتي ولماذا تركتيني ظل يتمتم وينتحب ويبكي طويلا وجلس علي الارض المواجه للبيت منتظرا منتحبا صارخا باكيا


فسألت صديقي : من هذا الرجل وما قصته؟
قال لي : انه يبكي لفراقها فقد رحلت عن المدينة بعد ان تزوجت تاركة اياه في ظلام بؤسه ويرفض عقله فكرة انها رحلت بدونه فيأتي كل يوم هنا الي بيتها معتقدا انه موجودة ويظل ينادي وينتحب
فسألته ومن هي ؟


قال لي : هي هي
فاندهشت من الاجابة الغريبة فأكمل كلامه في حياة كل رجل توجد هي
هي من تملك القلب وتأسره وتحرمه من ملذاته الا لذة وجودها هي معه وحين تفارقه يصبح القلب يتيما بائسا كأنه لا وجود له
ألا تعلم انه في كل علاقة بين هو وهي توجد خيوط معينة متشابكة تخرج من كل قلب للاخر فاذا تساوت قوة الخيوط وعددها في كلا القلبين تجاذبا واصبحت تلك العلاقة متينة ولكن اذا لم يحدث ذلك التساوي بين الخيوط فهناك قلب يملك كل الخيوط ويحركها كيف يشاء ويصبح القلب الآخر كالدمية التي لا حول لها ولا قوة يحركها القلب الآخر كيف يشاء


اندهشت من قول صديقي احقا هناك مثل هذه الخيوط وفي عصرنا هذا مازالت العبودية موجودة الم تنتهي تجارة الرقيق منذ مئات السنين وكيف لذلك الرجل البائس ان يترك قلبه كلعبة في يدها تارة تقربه وتارة تبعده وحين تمل من اللعب تتركه راحلة
لم استوعب ذلك الكلام وانا المعروف بمنطقيتي في التفكير وانغماسي في بحر الحسابات الدقيقة وتحليلي لكل شيء بالورقة والقلم


الورقة والقلم؟


نعم الورقة والقلم
نعم تذكرت الآن انني لم ابعث رسالتي اليومية لزوجتي التي اذكر لها كل ما فعلته في يومي وكل ما رأيته لقد كدت انسي حين تابعت ذلك الرجل الذي هوى لدرجة الهيام
نعم يجب ان اذهب الان لأكتب رسالتي ولكن استوقفني هاجس هل انا مثل ذلك الرجل؟ هل يمكن ان تكون زوجتي قد امتلكتني مثله حينها لم استطع ان امنع نفسي عن الضحك فانفجرت ضاحكا
فنظر صديقي الي بدهشة متسائلا عما يضحكني
فقلت له : انها تملك جميع الخيوط
فقال : من هي؟
مالبث ان تحول ضحكي الي بكاء ونحيب وبالكاد استطاع صديقي ان يميز كلامي وانا اقول له زوجتي
فاحتضنني صديقا وربت علي راسي وهو يقول لي :انها في ذمة الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر

0 التعليقات: