الأربعاء، 25 أبريل 2012

انعكاس خادع





حين اقتربت الشمس أكثر من سطح البحر كانت تستمع إلى شكاوى المعذبين , كانت حياتهم تغرب من أرواحهم معها , سالت منها الدماء وغاصت في البحر هربا كي لا تستمع أكثر, تاركة إياه وحيدا فهو أنيس الليالي المعتمة باعث الضوء الوحيد الذي قد يخترق نفوس الظلام الحزين ويصل لقلوب مزقتها جروح الهوى و تصاريف الهجر, لم يضن أبدا عليهم بنوره رغم شعوره بالإجهاد, لم يعد يحتمل كل تلك الشكوى , قلبه الحجري صار يتآكل من الحزن لكنه يعرف أنه الأمل الوحيد لهم ليفرغوا مرارة متغلغلة داخل صدورهم وهو لم يتعود إلا أن يكون في الموعد لحظة الاحتياج  , لذا في تلك الليلة ارتدى أروع الحلي تزين بالنور المكتمل حاول أن يخفي حزنه في الجانب الآخر و يمنح البشر حلما سعيدا و أملا وليدا , فلتضيء مصابيحه حتى لو كانت بأضواء سرابية وهمية , فليمنحهم السعادة حتى لو كانت سعادة لحظية تتلاشى سريعا فليبتسم حتى لو كانت ابتسامة صفراء باهتة ,إنهم بالتأكيد يحتاجون إلى أحلامه و أضوائه حتى و إن لم تكن لتطول لذلك لملم أذيال ثيابه وخرج ليؤدي عمله الأبدي . بينما أنا أختفي معها تحت تلك الشجرة نتلو تراتيل العشق و نقطف من الهوى ثمار السعادة , كم هي شفيفة أشعر أنني أمام صفحة ماء صافية لا تعكس إلا روحا نقية , و فجأة ظهرت أنواره الفضية لتلوح في الأفق فتتعلق صفحة عينيها الجميلة به ناظرة لأعلى أشاحت بناظريها عني إليه , لتوقظني من حلم نسجته داخل عيونها عن بيت ثرياته من آمال مدلاة تظللنا و آرائكه من عشق نستند إليه , لذا لم أدري أي حماقة ارتكبت حين شددت قوسي لينطلق سهمي نحو هدفه لتتكسر بلورته الزجاجية الهشة و تنطفىء أنواره وتنطلق من داخله أسهما عديدة على رؤوسها قلوب صرعها الأسى و ظلام يحمل عيونا باكية , هل يرد القمر ودائعه؟ لا أدري كل ما أدريه أنني بحثت عن طفلتي في الظلام فلم أجدها كنت أبحث عن صفحة مائها الشفيفة كي تعيد إليَّ الاطمئنان فلم أجدها اختفت و اختفى معها بيتي الآمن و قلبي السعيد ولم يتبق لي منها سوى صندوق الذكريات يحمل في باطنه الندم.

14 التعليقات:

Bent Men ElZman Da !! يقول...

وتبقى النهايات مؤلمه
تسلم ايدك بجد يا مصطفى

رشيد أمديون يقول...

هل لهذا التغيير علاقة بالواقع؟
هل تلك الطفلة رمز للأمل الذي كنت تحمله في ذاتك؟
فعلا هناك نقاط تساؤل كثيرة هنا..

تحيتي لك أخي مصطفى
دائما مع الخيال تصوغ المحال، وتعرض الواقع والحال.

دعاء يقول...

ماذا حدث !
كم أنزعجُ بمثلِ هذه النهايات المؤلمة رغم تلاقيها مع الواقع و نفورها عنه في آن واحد !

أتمنى أن تبحث جيدًا عن طفلتكْ ..
و هي ستبحث عنكَ أيضَا في المقابل ..

دمتَ بخيرْ ..

تحيآاتي لكْ ..

زينة زيدان يقول...

مرة أخرى نحن امام مقطوعة أدبية فلسفية عميقة
نستدرج الحروف ونهب الكلمات انتباهنا وجميع حواسنا قرباناً لها ...
نستدرج المعاني والمغزى ونغوص عبر اعماق الحبر
لنجد انفسنا جزءاً من هذا النص
نبحث عن النور بين ثناياه
ونستجدي منه المكوث...
نصلي من أجل بسمة تعتري النفوس
نرجوا التأني من صاحب القوس
ونرجوا ألا ينهار النور والضوء..
لكن في الخاتمة يفوز الليل بعتمته
والطفلة عبر الظلام تتوه..
وفي النهاية كل الأشياء تعي أن السراب
مهما اعتلى المقامات هو زائل
والندم أبدا لا يرجع ضائعا
ولا يزيد إلا هما
وحملا ثقيلا لا تهواه أبدا النفوس

هيام يقول...

د./ مصطفى
رائع مارسمته في عيون محبوبتك ... ولوحتك التي رسمت
لتضاهيها بتلاشي الحلم ... فعيون محبوبتك صفحة مياه بحر شفيفة
والشمس المحرقة التي تبكي دما على كل شاكي هي شكواك من ضياع الحلم
وثريا المل المعلقة ببريق عينيها تقول لك لك احلم ولم تنذرك بفدر
وفراشا من الأمن مهدته لنوم ومعيشة بها رغد العيش...
ان تاه حلمك... وبدى تدمك ... واستجديت الشمس أن تتوارى لتلمح
صفحة وجهها الشفيف ... اعلم انك ستشقى بحزن وتثقل بهم
انفض عنك اثمال الحزن- ولاتقبل ببقايا الحلم وعد العداد
لتنعم ببحر وسماء تحت ظل شجر ...(رائعة صديقي لازلت لااعلم بريدك
ساكتب بريدك واتمنى ان أرى كتبك الاليكترونية silverclouds6@gmail.com)

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

هى الاحلام والأمانى اخى مصطفى
حين تتكاثر على القلب وتنمو بفرح وسرور وطفولة قوية
ثم تصدم بواقع مرير وتشعر حينها بوخز الشيخوخة فى العاطفة والمشاعر رغم انك مازلت صغير وشاب ...

كلنا هذا الانسان الذى زرع الامانى وبذر الاحلام على شاطى البحر وانتظر وقت الحصاد فلم يجد الا بلور متكسر واحلام صريعة

رغم ان لكل منا ألمه و عذابه الخاص
لكن يظل البحر يحمل عذابات عديدة والشمس ترسل اشعتها عليها لتحميها فى اعماق البحر للذكرى كلما عدا انسان يتنسم ذكرياته على شاطىء البحر فيجدها محفوطة هناك

تحياتى لك سيف المدونين
اشعر بشىء جديد فى قلمك هذه الايام :)
شىء عميق واحساس متميز

بارك الله فيك اخى

faroukfahmy يقول...

حقا ان الشمس حين تقترب من سطح البحر مسيرة لا مخيرة وتجدها تستقيل ما يستقبله بحرها من شكاوى المعذبين

جمعت بين الشمس والبحر وغفلت عن ذكر القمر فى بدره الساطع وهو يشترك فى هذه المنظومة الخيالية من وحى الواقع فكما تجتمع الشمس والبحر فى تهارنا يجتمع القمر والبحر فى ليالينا المقمرة وعندما تصفر الشمس وقت رحيلها يظهر القمر بديلا لمسح ما تذفربه اعيننا من دموع
كما قالت وافصحت الاخت ليلى الصباحى التى استفيد دائما من تعليقها واجد فيها الجديد الذى استحدثته انت ايضا فيما تكتب

مروه زهران يقول...

لوحة جميلة واحساس أجمل ونهاية مؤلمة

ابراهيم رزق يقول...

اخى العزيز
دائما نسير وراء الحلم
ومن كثرة سيرنا وراءه لا نعرف انه الحلم الممكن او المستحيل
وما اصعبتحطم الاحلام على صخرة الواقع
وما اجمل نور القمرعندما يبعث لنا الامل فى ان نرى الطريق
اللهم ابعدنا عن سارقى الاحلام والامل

تحياتى لابداعك

شمس النهار يقول...

المهم ان صندوق الذكريات الشئ الوحيد اللي ماحدش بيعرف يسرقه مننا

eng_semsem يقول...

احنا بقينا بنخاف من النهايه السعيده او بنحس انها مستحيله حتى لو حصل اللي بنحلم بيه بنحس ان هيكون جنبه حاجه تملى حياتنا حزن مش ينفع نعيش في سعاده مطلقه
تحياتي لقلمك الرائع

rona ali يقول...

واحيانا امام قصصك
لا يجد رد مناسب علي القصه نفسها
فهمى تنجز وتخلص احساسيس كتير متراكمه
داخلنا
^_^

zeze يقول...

ادام الله ابداعك بكل خير استاذ مصطفي
كلما مررت من هنا اتوقف كثيرا وقد اعيد القراءة اكثر من مرة
الايام تتقلب بنا بين سعادة وشقاء ولا يتبقي لنا سوي الذكريات
تقبل تحياتي وبارك الله فيك

شهرزاد المصرية يقول...

ألله
مش ممكن
للمرة المليون استخدامك للرمز بارع جدا
أغبطك على ابداعك يا دكتور