جلس قائد الضباع على ساقيه الخلفيتين بينما قوائمه مرتكزة فوق تلك التبة و عوى فاجتمع له قطيعه ، و ما إن أحصاهم عددا و وجد الجميع حاضر حتى بدأ الحديث قائلا :
" اليوم سأحدثكم عن شيء عجيب ، شيء تناقلته عائلتنا جدا عن جد منذ كنا بشر ، سأحدثكم عن شيء يدعى الحب"
تعالت نظرات الحيرة بين الضباع فتلك الكلمة الجديدة المكونة من حرفين لم تكن ابدا في معجمهم لذا صدرت منهم همهمات غير مفهومة جعلت القائد يكمل :
" صبرا ، الحب هو أن يكون الفرد قميصا واقيا يرتديه معشوقه ، فيزود عنه شر الأسهم القاتلة الموجهة لقلبه."
تقدم أحد الضباع قائلا :
" سيدي ، و من يزود عن صدورنا بعد أن انقرض الحب ؟"
ابتسم القائد و قال :
" لا تقلق يا بني ، صدورنا ليست بحاجة لمن يزود عنها فصدورنا صارت بلا قلوب ."
علت علامات الارتياح على القطيع بينما هم يستزيدون من حكمة قائدهم الذي ظل يكمل
" لقد استبدلنا الحب بالشهوة ، و الشهوة هو أن تقتنص ما تريد و تطحنه بأسنانك ثم تأكله فيصبح كل ما تعشقه بداخلك ، كأنكما فرد واحد حينها ماتت قلوبنا و تحولنا من بشر إلى ضباع ، الشهوة صارت تمتلكنا حتى أني أعلم أن منكم إن لم تكونوا جميعكم يتمنى أن يصعد تلك التبة و يغرس أنيابه في جسدي ، ربما لم يأن بعد ذلك الميعاد فما زلت أقواكم ."
هتف أحد الضباع من آخر الصف هاتفا :
" سيدي ، من أكثر رقيا ، نحن أم البشر ؟."
ابتسم القائد ابتسامة دهشة كيف لا يعلمون فقال :
" العصور تسير دائما من تطور إلى تطور أعظم لذا نحن أرقى من البشر ، انظروا إلى سيقانكم الأربعة كيف ترتكز بقوة على الأرض و تفكروا , كيف كنا نقف على قدمين مهتزتين , القوة و الرقي نستمدها من الاتزان ، أما السقوط و الانكفاء على الوجه فهي عادة البشر ، سأحدثكم عن شيء آخر أكل الجيف ، الانسان يعف عن أكل الجيفة لذا هو يقف في طريق التطور الذي يعتمد على مدى موائمته للطبيعة من حوله التي لا تتأفف مثله في أن تصرعه و تقتله ، أما نحن فلا نتأفف من أكل ذوينا لذا نحن الأبقى ، افخروا يا أبنائي لأنكم ضباع ."
انتهى القائد الحكيم من كلمته و هم بالنزول من التبة بعد انصراف الجميع من حوله إلا خمسة ضباع أصابهم منذ ولادتهم بعض التشوه في فكوكهم حتى صارت كأنها لا تبرز خارج وجوههم ، كان يعدهم القائد بأنهم الأدنى تطورا لذا كان الجميع يستعبدهم كانوا ينتظرون قائدهم الهمام يهبط كي يقوموا بأعمال تنظيف عرشه / التبة . إلا أنهم كانوا يشعرون بفكوكهم تمتد للأمام يوما بعد يوم لذا ما إن هبط القائد حتى انقضوا عليه و قتلوه .
بعدها اشتعل صراع القيادة بين أفراد القطيع و انفجرت أنهار الدم أسفل التبة حتى ذلك اليوم الذي استيقظ فيه أحد الضباع ليجد أنه قد نبت له جناحان فطار للتبة و أصدر عواء مختلفا ، اجتمع لديه باقي القطيع مطأطئي الرءوس ينتظرون أن يمن عليهم الله بأجنحة حتى يقتلعوه من عرشه
-----------------------------------------
أذكركم
بأنه قد تم إصدار كتاب نوافذ مواربة (الاصدار الثاني من كتاب المائة تدوينة ) يمكنكم الحصول عليه من داخل المعرض في الأماكن التالية
صالة 3 .. دار اكتب
صالة ايطاليا .... مكتبة اديوجيت
صالة 2 ... مكتبة الأدهم
ايفنت الكتاب من هنا
----------------------------------
أذكركم ايضا
بموعدنا يوم الخميس القادم 7 فبراير 2013 الساعة السادسة مساء في راديو أرابيسك (شارع قصر النيل ، 2 ممر بهلر)
مع صديقتي الدكتورة شيرين سامي لمناقشة أعمالنا التي شاركنا بها , ضوء أسود , بنكهة مصر ، صندوق ورق و حكايات و نوافذ مواربة
سنكون في انتظاركم بالتأكيد يشرفنا حضوركم
ايفنت الحفل من هنا